أخر الأخبار
NSO قيساريا وأذرع إسرائيل الطويلة
NSO قيساريا وأذرع إسرائيل الطويلة

منذ مطلع القرن الحالي أدركت أجهزة الاستخبارات العالمية والإقليمية أهمية تطوير أداة وأساليب عملها حيث أحدثت الأوضاع المتفجرة في العالم، خاصة بعد ظهور التنظيمات الإرهابية بحلتها الجديدة هزة ما زالت ارتداداتها مستمرة حتى يومنا هذا، ومن المرجح أن تستمر لسنوات عديدة قادمة، لا سيما مع دخول الثورة الجديدة في عالم التكنولوجيا ووسائط الإنترنت المختلفة التي أصبحت الآن أدوات حاسمة في العلاقات الدولية بشكل عام وفي المجال الاستخباري والأمني بشسكل خاص.

وفي إسرائيل عملت الأجهزة الأمنية المختلفة وفق خطط محددة لدخول العصر الحديث من بوابة الشركات الأمنية التي يأتي معظم مؤسسوها من الأوساط الأمنية التي بدأت تركز وبشكل كبير جدا على التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، بحيث تنتشر هذه الشركات في معظم أنحاء العالم، وقد أظهر تحقيق نييورك تايمز الأخير والعديد من التقارير الصحفية الإسرائيلية والعالمية ضلوع هذه الشركات الأمنية ومنظوماتها الحديثة حجم التدخل والاختراق الذي حققته هذه الأنظمة وما تطبيق بيغاسوس إلا عينة واحدة من بين عشرات التطبيقات العلنية والسرية التي أنتجتها شركات الأمن المرتبطة عضويا بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لاسيما جهاز الموساد الذي يطور من أدتئه وفقا لأحدث المستجدات، مما دفع رئيسه الجديد « ديفيد برنيع» لأن ينتهج سياسة صارمة باتجاه الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في أداء مهام الجهاز هذه الاستراتيجية التي اصطدمت بحائط بيروقراطية قادة الأفرع المختلفة في الجهاز مما أدى إلى إستقالة أربعة من أهم رؤساء الأقسام كان آخرهم قائد وحدة قيساريا وهي أهم وحدة في جهاز الموساد وهي شعبة العمليات والتي ترسخت طرق عملها عبر عقود من الزمن، هذا الأمر الذي يسعى الرئيس الجديد للجهاز لإنهائه وتغيره جذريا للتعاطي مع الثورة التكنولوجية الدراماتيكية السريعة في العالم، فإسرائيل تعتمد على هذا الجهاز في العديد من المهام التي لا تقتصر على الجوانب الأمنية والاستخباراية ولا نبالغ إذا ما قلنا أن جهاز الموساد هو وزارة الخارجية الفعلية لدولة الاحتلال وهو يعتمد بشكل أساسي على هذه الشركات الأمنية المنتشرة في معظم أنحاء العالم والتي تنفذ إستراتيجية متشعبة ذات أهداف وأفعال سياسية غاية في الأهمية.

وقد كان ظاهرا بوضوح الدور الذي لعبه جهاز الموساد أثناء جائحة كورونا وفي سعي إسرائيل المتواصل لتوسيع اختراقها للدول العربية وتعزيز اتفاقيات التطبيع الأخيرة، وقد كشفت عديد التقارير الصحافية والأمنية عن حجم الاختراق الذي حققته هذه الشركات والتي تشكل أهم أذرع إسرائيل الممتدة في العالم، وما هذه الصفقات السرية التي ترعاها إسرائيل الرسمية إلا دليل ملموس على نجاح هذا التوجه الاستراتيجي الذي لم يتضح بعد حجم أضراره الجسيمة على المنظومة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية عبر العالم، غير أنه وبكل تأكيد بات واضحا حجم استفادة إسرائيل وعظم المكاسب التي تحققت لها.

وبذلك تكون هذه المنظومات الأمنية أداة حاسمة في الاستراتيجية المتعددة الأوجه التي ستعمل عليها إسرائيل خلال السنوات القادمة، فما لم تستطع تحقيقه إسرائيل من خلال عقود طويلة من الحروب والأدوات العسكرية الخشنة تسعى الآن وبنجاح لتحقيقه عبر أيادٍ ناعمة وتحت غطاء من المدنية ومساعدة دول العالم على حماية مصالحها.