لم أكتب شيئا عن مهرجان جرش، وكأنه لن يتم افتتاحه هذا العام، ولا أعلم سرا يفسر عدم اهتمامي بالمهرجان الذي كتبت عنه وتابعته في الأعوام الثلاثة الماضية.
وكأس العالم أيضا، لم يكن من ضمن اهتماماتي، وأكثر ما كتبته يتعلق بالظواهر المونديالية التي تكاد تكون أردنية «بحتة»، كتعليق الأعلام الغريبة على نوافذ البيوت والسيارات، والسبب بلا شك هو استحالة أن تهتف الحناجر الأردنية سلاما أو كلاما وطنيا في أي مونديال، الله يجازي اللي كان السبب.
مضى زمن لم أشاهد فيه مباريات كرة قدم حقيقية، لكنني مع هذا المونديال قررت الخروج من هذه المقاطعة التلقائية لمباريات كرة القدم التي تستحق المتابعة، والفضل يعود لقنوات فضائية إسرائيلية، بل ربما قمر صناعي اسرائيلي، لا يلتزم بقوانين ولا بمبادىء البث الفضائي الحصري أو القسري، فيقوم ببث كل المباريات والـ»عطسات» على المدرجات، وينقلها بوضوح الى كل متابع، خصوصا أولئك الذين تم بيع الفضاء عليهم أو حرمانهم منه إن لم يدفعوا، شكرا لتلك القنوات الاسرائيلية، التي جعلتني أشاهد مباريات كرة قدم بمستوى عال، وجعلتني أنبش في الذاكرة عن أسماء نجوم كرة القدم العالميين، لأدرك أنهم أصبحوا تراثا إنسانيا، حيث أشاهد مباريات منتخباتهم وأجتر ذكرياتهم الفنية، وأستسلم بأننا بفقدانهم «هرمنا».
أريد أن أعترف لتلك القنوات الفضائية الاسرائيلية بالجميل، ليس فقط عن تمردها على قوانين البث، بل أيضا على مستواها المهني الكبير، فعلى الرغم من عدم فهمي للغة العبرية، إلا أنني أستطيع ملاحظة وفهم البراعة المهنية في البث التلفزيوني، والإخراج والإعداد..انهم يقدمون عملا إعلاميا محترفا، ولا أعلم إن كان هذا الاحتراف أيضا متمردا على قوانين او مبادىء متخلفة ..
لا أريد الكتابة تحليلا رياضيا للمباريات التي شاهدتها (أشاهد كل المباريات بصراحة)، لكنني أستطيع تمييز غياب المهارات الفردية النسبي عن الملاعب العالمية، وأستطيع ملاحظة الحزم في التحكيم الذي يفقد اللعبة كثيرا من إثارتها وتدفقها، ويمكنني ملاحظة فروق جوهرية بين مدارس «كروية» في اللعبة، من بينها مدارس تحاول أن ترسخ روح الفريق الواحد، ولا تحفل بالمهارات الفردية، ومدارس أخرى من بينها، مدارس بلا هوية كروية تحاول التقليد وتزحف لبلوغ أهداف صعبة، بعد أن فقدت مشية الحمامة والغراب معا..
على العموم : شكرا لقمر عاموس وقنواته، وتبا للضجر وللغياب العربي ولحضوره المستحيل.
تبا للسياسة و»التياسة».