لا ادري لماذا نحن نستهلك في رمضان اكثر من الاشهر الاخرى، هل عندما نجوع يصيبنا «الفجوع»، في شهر الرحمة علينا ان نرحم أنفسنا من التمادي في الشهوات فهو الشهر المانع للشهوات.
لا يمكن ان تكون العبرة من الصيام في هذا الشهر الكريم تناول ما لذ وطاب حتى ان البعض لا يحترم ذلك لأن غالبية ما لذ وطاب يذهب الى حاويات القمامة امام حالة «الفجع» التي يعيشها البعض في هذا الشهر الكريم.
الامساك عن المفطرات في هذا الشهر الكريم كان بهدف الحد من الاسراف في المأكل والمشرب لتكون فترة الطعام محدودة بساعات معينة لا ان تكون طوال النهار وهذا بالتأكيد يعني ان نسعى للتقتير وان يكون طعامنا قليلا لا كثيرا وان يكون محدوداً لا ان تتوسع في انواعه المختلفة حتى ان البعض يشعرك وكأنه كان طوال العام صائماً وينتظر رمضان ليفطر فيه ويحضر له ما لذ وطاب.
رسولنا العظيم عندما قارن الصيام بصيام الشباب غير المقتدر عند الزواج ليوضح التشبيه الكامل بين الحالتين فهو للمنع عن الاكل وليس المنع الذي يأتي بعده الزيادة عن الوضع الطبيعي. فرمضان حالة استثنائية ليكون الانسان متعبداً مخلصاً في تعبده لله وان يسعى لتوفير ما يمكن توفيره من قوت نفسه لتوزيعه على الفقراء والمساكين لأن الهدف من الصيام تنقية الروح والنفس من كل الشوائب حتى من الزيادة في الطعام.
ولكن امام هذه الحالة نجد الاسراف الزائد في الطعام وفي الاستهلاك حتى انك تجد ان هناك حالة من الجوع المزمن وقد جاء رمضان ليزيلها عن الانسان مع ان رمضان عكس ما يتصرفون فعندما يقول نقيب تجار المواد الغذائية، ان الاستهلاك في رمضان قد يتجاوز نسبة الـ 50% عما هو عليه في الاشهر العادية فهذا يعني ان هناك خللا في المفهوم الحقيقي للصيام. فيقول النقيب، إننا في الاردن نستهلك في الايام العادية ما بين 17-20 الف طن ليرتفع هذا الاستهلاك الى حوالي 35 الف طن من المواد الغذائية وقيمة الاستهاك في رمضان تزداد عن الاشهر العادية بما يقارب الـ 40 مليون دينار او اكثر فمن 70 مليونا تقريبا فقد يصل الاستهلاك في شهر رمضان الى 120 مليون دينار.
سنرى بعد اسبوع من الان او قبله التهافت غير الطبيعي على الاسواق والمولات والشراء في كل الاتجاهات سواء كان من ضمن الاحتياجات او من غير ضمنها وسيكون معظم الشراء ليس للحاجة بل للشهوة اليه، فالى متى نستطيع ان نمنع الشهوات ولماذا لا نمنعها ورمضان جاء اصلاً لمنع الشهوات فهل نحن لا نستطيع ان نضبط أنفسنا وان نقدر على كبح جماحها حتى اننا نشتري ما لذ وطاب ولا نأكله او نشربه كله وان اكلناه فاننا لا نأكل نصفه بل ان غالبيته سيذهب لسلال القمامة.
الحكومة تعلن حالة الطوارئ والتجار يستوردون اكثر من ايام السنة الاخرى ونحن نأتي لنلوم التجار على الجشع في الاسعار فبدل ان نلومهم لنمنع انفسنا الجشعة في السعي اليهم في شراء المواد الغذائية التي تزيد عن حاجاتنا .
شهر رمضان شهر التعبد والتقرب اكثر من الله وليس شهر الطعام الذي قد يبعدنا عن عبادة الله عندما نلاحق ما نشتهيه من شهوات الدنيا فهو شهوة للإعداد للآخرة وليس شهوة الحياة الدنيا.