قامت الدنيا ولم تقعد بعد تصريحات نائب رئيس الوزراء اللبناني سعيد الشامي على قناة الجديد مساء الاحد مصرحا بأن» الدولة ومصرف لبنان المركزي مفلسان، وأن الخسائر ستوزع على الدولة والمركزي والمصارف التجارية والمودعين.»لتضج منصات التواصل الاجتماعي اما بالتعاطف مع لبنان واللبنانيين وما آلت اليه الاوضاع او من حيث توجيه التهم للمتسببين بما وصل اليه الحال في لبنان من داخلها أو خارجها .. لتخرج في أعقاب ردود الافعال الشعبية والرسمية تصريحات رسمية لبنانية تنفي ما فهم من تصريحات الشامي ومن ذلك تصريح رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي أعرب عن اعتقاده بأن نائبه كان يتحدث عن السيولة وليس الملاءة المالية ،اضافة الى نفي حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة إفلاس البنك ،وتأكيده بان البنك ما زال مستمرا في أداء دوره الموكل له بموجب القانون رغم خسائر القطاع المالي.أولا : لا بد من التأكيد على أن تفاصيل ما يجري في لبنان يشغل بال الأردن والأردنيين سواء من حيث عمق العلاقات وجذورها، أو من حيث وجود نحو (مليار دولار) ودائع لأردنيين في المصارف اللبنانية ، كما أن الأردن معني باتفاق لبنان مع «النقد الدولي» لاتمام مشروع الكهرباء من الأردن الى لبنان عبر الأراضي السورية.لذلك..ووسط كل ما قيل ويقال نتساءل: أين هي الحقيقة ؟ ولماذا الآن يتم الاعلان عن» الافلاس»؟ وهل هو» افلاس» أم تعثر؟ وهل المشكلة بالسيولة أم بالملاءة ؟بداية..لابد من الاشارة أن افلاس الدول مختلف عن افلاس الشركات والافراد فلا تصفية للدول كما للشركات المفلسة ، وافلاس الدولة له أسباب متعددة ومنها عدم قدرتها على الالتزام بدفع الديون المستحقة عليها وقد سبق وأعلنت دول متعددة افلاسها - مع اختلاف الاسباب وطرق المعالجة ومنها : ايسلندا واليونان والارجنتين (أكثر من مرّة)..أما لبنان فقد أعلنت رسميا ولاول مرة بتاريخها في مارس 2020 توقفها عن سداد الديون الخارجية والتخلف عن تسديد إصداراتها من «اليورو بوندز» وعدم دفع مستحقاته المقدرة بـ(1.2) مليار دولار، وهي جزء من قيمة سندات دين بالعملات الأجنبية يبلغ عددها نحو (27 ) إصدارا وتبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من(31) مليار دولار، ويستحق دفع آخر سند في(2037).الوضع المالي والاقتصادي متدهور تماما في لبنان وهو انعكاس للاوضاع السياسية التي يمر بها والتجاذبات السياسية وتخلي» الداعمين «الخارجيين عن لبنان وانشغال معظم الزعامات الداخلية بهمومها وشؤونها الخاصة بعيدا عن المصلحة العامة ، اضافة لما تكبده لبنان من تبعات الحصارالاقتصادي و العقوبات الامريكية.الازمة في لبنان وبحسب وصف البنك الدولي تعدّ الأكثر حدّة وقساوة في العالم ، ونسبة الدّين العام اللبناني وصلت (150%) وهي ثالث أعلى نسبة في العالم.الجديد « المقلق « في هذه التصريحات أنها أولا تصدرعن نائب رئيس الوزراء اللبناني والذي يترأس في الوقت ذاته لجنة لبنان للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهناك خطة للتعافي يتم بحثها بجدية من صندوق النقد الدولي لانقاذ الاقتصاد اللبناني وتبحث باعادة هيكلة واصلاح القطاع المصرفي وبالسياسة المالية وايجاد اطار للموازنة على المدى المتوسط ،اضافة لتوحيد سعر صرف الليرة وغيرها من القضايا.توقيت اثارة افلاس لبنان لا يمكن قراءته بعيدا عن الامور التالية:-»خطة التعافي» وسعي لبنان للتوصل لاتفاق سريع مع صندوق النقد الدولي يمكنها من الحصول على قروض ومساعدات خارجية بحجم (16)مليار دولار.-صندوق النقد الدولي الآن أكثر انشغالا بتوفير قروض ومساعدات لاوكرانيا بحجم(14) مليار دولار.-لبنان سياسيا ليس ببعيد عن تداعيات وانعكاسات المفاوضات حول الملف النووي الايراني ، اضافة لمفاوضات النفط والغاز مع اسرائيل.-لبنان يواجه أزمة طاقة وأزمة غذاء خصوصا مع الحرب في اوكرانيا.. ولديه استحقاق انتخابي ايار المقبل.-خشية المودعين من أن اعلان الافلاس سيحمّلهم النسبة الاكبر في توزيع الخسائر ويقلل نسبة تحمل الدولة « المفلسة «.باختصار.. لبنان يواجه تحديات سياسية واقتصادية متعددة لوحده والعالم منشغل بقضايا اخرى، وعلى لبنان ان يحسم قراره وفقا لمصالحه الاقتصادية ويقرر: هل يتجه نحو «الافلاس» قبل التعافي - رغم تمتعه بأملاك وغيرها- أم أن المشكلة « نقص سيولة « تحلها قروض» النقد الدولي»وغيره ؟