رام الله - الكاشف نيوز : فجرت الناشطة المجتمعية ، ومديرة مؤسسة فلسطينيات ، وفاء عبدالرحمن ، أكثر من سؤال غاية بالاهمية ، من معترك الحياة اليومية التي يعيشها الانسان الفلسطيني ، في ظروف باتت تفوق تحمله ، وأهم هذه الاسئلة عن من يقف وراء إجهاض الانتفاضة في الضفة الغربية .
وجاء في مقالة كتبتها الناشطة عبدالرحمن تحت عنوان " من أجهض الانتفاضة في الضفة الغربية :" حين أطل الرئيس على مليار مسلم –من جدة- مدافعاً ومروجاً للتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، راهن طيبو القلب أن السيل قد وصل الزبى، وان الناس ستنتفض عليه وعلى أجهزته الأمنية تطالبه بالرحيل.
وما بين مصدوم من الخطاب، وثائر فيسبوكي، وأسير راتب وقرض بنكي، أُجهضَ الغضب!
برأيي ان خطاب الرئيس في جدة هو أخطر خطاباته على الاطلاق، فالخطابات السابقة كنا نسمعها وحدنا، أما خطاب جدة، فكان عابر للقارات، يعلن هزيمتنا- نحن كشعب وقضية- وأن لا امل، لا عبر المقاومة المسلحة ولا عبر العمل السياسي ولا غيره.. إذن لم يبق لنا كشعب إلا أن نعلن استقالتنا ورحيلنا!
ورداً على الطبالين والمصفقين لخطاب الهزيمة، اقتبس ما كتبه زكريا محمد على صفحته على الفيسبوك:
"الفقرة الوحيدة التي كان على أبو مازن أن يقولها حول الفتية الإسرائليين المخطوفين هي: لا أستطيع حماية المستوطنين. الاستيطان غير شرعي، ووجود المستوطنين هنا غير شرعي. إن حميتهم فسأكون ضد القانون الدولي. أنا لا اعمل حارسا عند المستوطنين. من أرسلهم يتحمل مسؤولية خطفهم"
بعد خطاب "جدة" قل عدد الطبالين والزمارين، لعجزهم عن تبرير ما جاء في الخطاب، إلى ان جاءت حادثة استشهاد محمد الطريفي في رام الله، واعتداء الشبان الغاضبين على مركز الشرطة في المدينة، مما أعاد الروح للطبالين بأنها مؤامرة تقف خلفها حركة حماس لتقويض السلطة في الضفة تحضيراً للانقلاب واستلام الحكم!
هي ذات الفزاعة "حماس قادمة، وبين حماس الاخوانية الظلامية وما يصاحب حكمها من قطع رواتب، وبين ديكتاتور لا يعبر عن نبض الشارع، ولكنه يضمن استمرار الرواتب والحريات الشخصية- من تختارون؟"
هي ذات الفزاعة، "الانتفاضة تعني الفوضى والفلتان، والدليل ما حدث في رام الله"
هي ذات الفزاعة "الأجهزة الأمنية في الضفة، هم أولادنا واهلنا ، وانتقادها يصب في مصلحة الاحتلال ويخدم أجندته لنشر الفوضى وضرب مؤسسات الدولة العتيدة"
هي ذات الفزاعة "أي حراك في ظل تواصل الهجمة الصهيونية المسعورة على الأسرى، واستباحة كل شبر في الضفة والقطاع يخدم أجندة الاحتلال، الذي يستهدف رأس القيادة، ويحرض عليها، فتجندوا خلف القيادة!"
وللرد على الفزاعات التي يريدون ارهابنا بها أقول:
أولاً: الانتفاضة ليست مرادفاً للفوضى أبداً، إلا إن أردناها كذلك، فانتفاضة 1987، كانت مثالاً للتنظيم والتعاضد والصمود. الفوضى هي مرادف غياب القيادة، وغياب البوصلة، وهي مسؤلية القيادة من كل الفصائل والأحزاب ومؤسسات المجتمع ومنظماته الحية أن تنظم نفسها، وتحضرها في حال اندلعت انتفاضة شعبية، لحماية الناس وتنظيم عملهم، ومنع اختراق الاحتلال لها أو حتى عسكرتها.
قد يكون الشباب الغاضب في رام الله قد ارتكب خطأ بالتعدي على مركز الشرطة، ولكن الشرطة ارتكبت خطيئة باطلاق الرصاص الحي عليهم، خطيئة يجب الاعتذار عنها والتحقيق فيها ومعاقبة من أصدر الأوامر.
ثانياً: صحيح أن أبناء الأجهزة الأمنية هم أولادنا واهلنا ولم نستوردهم من الصين، وبدل تخوين من ينتقد اداء هذه الأجهزة وعقيدتها الأمنية القائمة على التعريف الاسرائيلي للأمن عبر التنسيق الأمني، عليهم هم ان يثبتوا أنهم أولادنا، وأن يقفوا في ذات الصف مع اهلهم. لم يطلب أحد من أبناء الأجهزة أن يقدموا أنفسهم قرابين، ولا أن يواجهوا المحتل بالسلاح، فالنتيجة معروفة، مطلوب أن يتفهموا ويستوعبوا غضب الناس والشباب تحديداً، مطلوب أن لا يمارسوا الاعتقال السياسي، ومطلوب أن لا يقبلوا خطاب الهزيمة بأننا ضعفاء، صحيح نحن ضعفاء عسكرياً ولكنا أقوياء بتفوق القضية التي نحن جزء منها، مطلوب أن لا يروجوا لخطاب المؤامرة وأن من يعارض هم مندسين وتجار مخدرات، فإن كانوا كذلك لماذا هم بيننا؟
لا مصلحة لدى أي وطني في استعداء ابناء الأجهزة الأمنية، ولكن انتقاد اداء الأجهزة ووظيفتها واجب ومسؤولية كل وطني أيضاً!
رابعاً: لا اعتقد ان رأس القيادة مستهدف من اسرائيل في ظل التصريحات الاسرائيلية التي تمتدح القيادة وتعاونها الأمني، ولكن الشعب كله مستهدف، والأرض كلها مستهدفة وليس من اليوم، بل من أكثر من ستين عام، هذه الفزاعة لم تعد تجدي نفعاً بالذات والناس تشعر بالاغتراب عن قيادتها، ولن تستطيع كل فزاعات الدنيا أن تجند الناس لحماية قيادة تخلت عن شعبها ووتراه عبئاً عليها! استدعي محمود درويش الذي لخص موقفي هنا:
"سألني: هل يدافع حارس جائع عن دار سافر صاحبها، لقضاء إجازته الصيفية في الريفيرا الفرنسية أو الايطالية.. لا فرق؟
قلت: لن يدافع!"
خامساً: حركة حماس سواء عن علم أو جهل، أجهضت الانتفاضة في الضفة الغربية، صحيح انني أسمي التلويح بمؤامرة حماس للانقلاب على السلطة في الضفة "فزاعة" ولكني أرى فيها بعض الصواب!
للأسف، حين استولت حركة حماس على القطاع وأخذته رهينة، لم تستطع ان تقدم نموذجاً مختلفاً عن النموذج الذي انتقدته في الضفة الغربية، بل مارست وبصورة أشد قسوة، الاعتقال السياسي، وقمع الحريات العامة، والاعتداء على الصحفيين، والاعتداء على المؤسسات، وأدارت القطاع بالحديد والنار، وأضافت من عندها تقييد وانتهاك الحريات الشخصية، ومارست أسوأ نموذج من الواسطات والفساد، والاقصاء. نموذج زاد الخوف منه حين ارتبط بنموذج حكم الإخوان في مصر. غالبية المتعاطفين مع حماس- ولا أتحدث هنا عن الموالين لها سواء اخطات أم أصابت- ليس لديهم استعداد أن ينتقل نموذج الحكم هذا للضفة، حتى وإن تزين براية المقاومة "المقدسة"
سقطت حماس "المقاومة" في امتحان المصالحة مرات ومرات- رغم أن من الجور تحميلها وحدها مسؤولية فشل المصالحة-، وزاد الفشل حين تشكلت حكومة الوفاق التي لم تُرضي أحد، وتعمق الفشل في رد فعل حماس على تصريحات الرئيس، بل خروج مشعل على قناة الجزيرة للدفاع عن الرئيس. إذن هي المصالح، أو الانحناء للعاصفة حتى تمر، والأهم ان قدسية وصدق هذه الحركة قد سقط عنها ولم يعد احد يصدق أنها مختلفة أو يمكن أن تقدم نموذجاً مغايراً لما يحكم الضفة، إذن لم المعاناة، ولم الانتفاضة في وجه السلطة القائمة واستبدال السيء بالأسوأ؟
وأضيف لمطلقي الفزاعات، حماس تنازلت عن الكثير في سبيل المصالحة المالية مع رام الله، ولتتخلص من عبئ القطاع، فبالتأكيد لا تريد أن تسبدل عبئاً بعبئ!
أخيراً، ستبقى المعركة الأولى والأخيرة هي ضد الاحتلال، وأي تخوين وتشويه للوطنيين/ات يصب فقط في مصلحة استمراره بأرخص الأثمان. أؤكد أن لا مصلحة في استعداء ابناء الأجهزة الأمنية، كذلك لا مصلحة وطنية في استعداء حركة حماس، التي يدفع ابناؤها دمهم وحياتهم يومياً – والحملة الأخيرة خير دليل- لا نريد استعداء أي أحد من شعبنا، بل نريد استنهاض كل قوانا من اجل انتفاضة شعبية تقارع الاحتلال، ولتكن ثورة.