أخر الأخبار
في العيد ... ماذا يحتاج وطننا ؟
في العيد ... ماذا يحتاج وطننا ؟
يتساءل الكثير منّا عمّا تحتاجه وطننا للنهوض من كبوته؟ وما يتطلبه مٌجتمعانا للاستيقاظ من غفوته. وعادة ما تكون الاجابة مُكررة وتقليدية، لم تاتي بجديد فيما تتحكم في تفاصيلها الحماسة والعاطفة بعيداً عن المنطق والعلم ،ويصوغ مفرداتها طوراً كالعادة نفر من الذين ينوبهم التفكير الاعرج ولا يحبذون اي تقدم او تطوير او تقدم إلى الامام خطوة ، فيتباكون على الوطن ويقسمون بخبزه فيأكلونه.
وفي جانب اخر كثرت الدراسات، وتعددت الأوراق، واجترت البيانات، وتزاحمت الخطابات الرنانة هنا وهناك بدون اية فائدة او عائدة ، وجادت القرائح بالغزير من الطروحات التي تركز على الإصلاح والتغني به ، على مدار مائة عام وتبيان متطلبات التنمية ووسائل تحقيقها، والنتيجة واحدة: انزلاق يليه تدهور ويتبعه سقوط حر إلى الهاوية على كل المستويات سواء كانت منها الاقتصادية ، او الاجتماعية او التعليمية وحتى الأخلاقية التي اصبحت بحاجة الى كثير من التعديل .
ان مايٌشير اليه التخلف هو أن تتحول الحرية إلى ثرثرة في القول وفساد في الفعل،فلم يعد هناك اي مساحة في ظل التضييق غير المبررعليها ، فالخسران هو أن تصبح الخطط التي عادة ما يطولها العفن في أدراجنا،مجرد أوراق يدفع الملايين لصياغتها وتهدر الأوقات في إعدادها، وتتضافر الجهود لإفشالها، أما العجز والعقم فهما النتيجة الحتمية للعلاقة الملتبسة بين سلطات عاجزة وشعب كسول أو سطحي ودائم المعاناة والتأفف ، والتذمر بعدم وجود ضوء في اخر النفق ، ونضوب الفرص وكثرة التحديات فيما البطالة تزداد ، ونسب العمالة الاجنبية تفوق المليون عامل وبتحويلات مالية تزيد من مليار ونصف المليار دولار سنوياً .
من المؤسف حقا ان الكل يعرف الداء لكنه لا يتجرأ على تجرّع مرارة الدواء، فلا فرق هنا بين سلطة وشعب ولا بين نظام ديموقراطي وغيره أقل ديموقراطية، فلكل ما فينا اصبح عاجزاً فيما تكبر وتكثر المعاضل ويغيب الحل ، ولكل ما في مٌجتمعنا آفاته ومعوقات كثيرة تقف امام عجلة تقدمه.
اننا نؤمن بانه قد يكون للظروف الطبيعية وللعوامل الخارجية وللمؤامرات العدائية حصة مؤثرة في ما وصلت اليه أحوالنا، ولكن السبب الرئيس لما نحن عليه من شلل وجهل وضمور النعمة اقترفته أيدينا وجادت به طبائعنا، وسقته غرائزنا، وفاضت به مطامعنا،
ان واجب التغيير يقع على المحكوم فالطالب الذي لا يرى في مدرسته أو جامعته سوى عقوبة إلزامية ينال في نهاية مدتها الشهادة لا يصلح أن يتسلم دفة الأمور فيما بعد، فكيف لمن لا يعرف لا يعرف حلاً للمعاضل ان يتبء مناصب تعيق تقدم المجتمع ، والمواطن الذي لا يرى في دولته سوى بقرة حلوب لن يدرك المعنى الحقيقي لعبارة دافعي الضرائب، والناخب الذي يتحكم في خياراته انتماء عائلي أو تعصب قبلي أو تزمّت ديني لا يستحق ممثلين إلا على شاكلته، والفاسد الذي يبرر لنفسه موبقات التذاكي للحصول على ما لا يستحقه يجد مقابل ذلك افرادا لا يطيقون تطبيق القانون.
ان تدهور حال الإدارة وتراجع الخدمات العامة وانتشار الفساد الصريح والمبطن لا يردعها إلا ميزان العدل ومسطرة وسيادة القانون وهيبة تطبيقه، بشكل فعلي وحقيقي بدون اية مُحاباة ، وبين واجب التغيير ومسؤولية التطوير فإن متانة العقد الاجتماعي بين مكونات المٌجتمع من جهة وبين المٌجتمع والدولة من جهة أخرى تبقى ضرورة للنهضة والتنمية، إذ لا بد أن يستوعب حضن المواطنة اي تركيبة سكتانية ، فمن دواعي السقوط إلى الهاوية أن يقف الانتماء أو العرق أو الجنس، أو الاعتقاد عائقاً أمام وحدة الصف والاستفادة من النٌخب والمشاركة في رسم المٌستقبل بشتى صنوفه ، فان من المٌهم ان يكون الانتماء للوطن وليس لاي فرد او فئة .