بعد ما يقارب الشهر على تشكيل حكومة الوفاق الفلسطينية، وتأديتها اليمين الدستورية
أمام الرئيس عباس، لا تزال المشكلة الأساسية، والتي تشغل بال آلاف العائلات
الفسلطينية، لم تحل حتى الآن. فلا زالت رواتب الموظفين الذين عملوا في ظل الحكومة
في غزة، طوال فترة الانقسام، لم تدفع حتى الآن، بل ولا من مجيب حول مصيرها، أو موعد
صرفها.
حوالي 50 ألف موظف هو إجمالي من أصبحوا اليوم
دون أي مصدر دخل، بعد أن رفعت الحكومة السابقة في غزة يدها عن رواتبهم، ووضعت
مصيرهم بين أيدي حكومة الوفاق فور تشكيلها. الأمر الذي أثار ضجة كبرى، وعجّل في
نشوب خلاف، وتصريحات متضاربة ما بين حركة حماس وحكومة غزة السابقة، وبين حركة فتح
والرئيس عباس.
ما يهم الآن هو الإجابة على سؤال يسأله
الموظفون وعائلاتهم، ما مصيرهم؟ وما مصير رواتبهم التي لم تدفع حتى الآن؟، خصوصا
ونحن على أعتاب شهر رمضان المبارك، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة يعيشها القطاع
بالأساس.
حركة حماس، والتي من المفترض أن تكون المسؤولة
عن هؤلاء الموظفين، بحكم أنهم عملوا والتزموا بدوامهم، خلال فترة حكم الحركة لغزة،
صمتت طويلا بهذا الخصوص، ولم يصدر أي تصريح رسمي، سوى مؤتمر صحفي للقيادي في الحركة
د.خليل الحية، الذي طالب حكومة الوفاق بالالتزام بدفع رواتب الموظفين، الأمر الذي
لم يحدث جديدا لا على صعيد التأكيد على التزام الحكومة بذلك، ولا على تهدئة نفوس من
توقفت رواتبهم.
من جانبها، أكدت السلطة الفلسطينية أنها
غير مسؤولة عن توفير رواتب الموظفين الذين عينتهم حماس، بل أكد الرئيس عباس على أن
من كان يدفع لهم سابقا عليه أن يدفع لهم اليوم. وحكومة الوفاق أيضا اعتبرت أن موضوع
توفير الرواتب لموظفي غزة غير منطقي، وغير ممكن في ظل العجز المالي الذي تعانيه
السلطة، وغرق خزينة ماليتها في الديون المحلية والخارجية.
وعلى صعيد آخر فإن اتفاق الشاطئ، وإن نص على ضرورة أن يتم توحيد
المؤسسات، وأن تتحمل الحكومة الجديدة كامل المسؤولية عن أبناء الوطن دون تمييز، إلا
أنه نص على أن تتم تسوية أوضاع الموظفين الغزيين خلال 4 أشهر، من خلال لجنة إدارية
وقانونية، بما يتوافق مع قانون الخدمة المدنية، وحاجة المؤسسات الحكومية، ومدى تحمل
الخزينة للعبء المالي. أي أنه لم ينص صراحة على أنه على الحكومة أن تستوعب هذا
العدد من الموظفين، وأن يتم صرف رواتبهم فورا.
هذا
الأمر أعطى الضوء الأخضر لحكومة الوفاق، ولحركة فتح، أن تراوغ في موضوع الموظفين
الذين عملوا في ظل الانقسام، والموظفين المفصولين أيضا. إذ أنه في هذه الحالة كان
يجب أن لا يكتفي من وقع على الاتفاق من جانب حماس أن يتعامل بحسن النية فقط، وبما
يجب أن تتعامل به حكومة الوفاق، بل كان يجب أن يتم النص حرفيا على حل مشكلة
الموظفين، وأن يتم استيعابهم وتعيينهم بشكل رسمي، بغض النظر عن كل المعوقات، وبعيدا
عن أي مبرر لتجاهل قضيتهم، خصوصا أن الطرف الآخر في الاتفاق خصم سابق، يحاول الخروج
بأقل خسائر ممكنة.
السؤال الموجه الآن لحركة حماس، ماذا
لو استمرت حكومة الوفاق بالمماطلة في دفع رواتب موظفي الحكومة السابقة، ورواتب
المفصولين أيضا؟، وماذا لو يتم تعيينهم على كادر السلطة الفلسطينية؟. أيضا إلى متى
يجب على هؤلاء الموظفين أن يصبروا دون أي دخل مادي، مع علم الجميع بالظروف
الاقتصادية الصعبة ودخول شهر رمضان المبارك؟.
إذا كان
الهدف من إثارة قضية موظفي حكومة غزة هو تحقيق مكاسب سياسية لأي طرف، أو لأي فصيل،
فإننا نقول أنه من غير المقبول شرعا ولا وطنيا، أن يتم استغلال لقمة عيش آلاف الأسر
من أجل تحقيق مكسب سياسي، وعلى كل طرف أن يقف عند مسؤولياته في هذا الأمر. كما أن
التصريحات والوعود بالعمل على حل هذه القضية العادلة والعائقة أصبحت غير مقبولة، بل
يجب أن يكون هناك تحرك عملي وملموس وسريع لحل المشكلة، قبل أن تخرج الأمور عن سيطرة
الجميع، فليس هناك من يقبل بالجوع والظلم.
حركة حماس
مطالبة اليوم أكثر من غيرها بإجابة واضحة وصريحة لموظفي حكومتها السابقة وعائلاتهم،
بأنها لن تتخلى عنهم، وأن مشكلتهم في طريقها إلى الحل العاجل. مذكرين بأن آخر ما
تلقاه هؤلاء الموظفين من مستحقات، كان سلفة من راتب شهر آذار الماضي، قبل أن تدخل
أزمة رواتبهم في نفق مظلم لا يعرف إلى أن تقودنا طريقه.