من المحزن أن نقرأ تقريرا دوليا رصينا وغير منحاز يضع إسرائيل في قمة دول العالم فيما يتعلق بالظروف والحوافز المتاحة لإطلاق مشاريع التكنولوجيا الخضراء متفوقة بذلك على الدول التي كانت رائدة في هذا المجال مثل: ألمانيا، هولندا، الدول الإسكندنافية، وكوريا. مصدر الحزن ليس الغيرة أو اتهام معدي التقرير بالانحياز، بل هو على وضعنا في العالم العربي لأننا خاصة في الأردن نمتلك تقريبا نفس الخصائص الطبيعية والمناخية والبيئية مثل الدولة العبرية ولكننا في واد آخر فيما يتعلق بأنظمة الإدارة وتمكين الظروف المناسبة للإبداع في سياق التكنولوجيا الخضراء.
أسباب تفوق إسرائيل في هذا المؤشر تتعلق بشكل رئيس بأنظمة التعليم وتحفيز المستثمرين في مجال التكنولوجيا الخضراء وقوة مؤسسات البحث العلمي ومؤشر مهم آخر وهو الاعتياد على التعامل مع التحديات المتعلقة بشح الموارد الطبيعية. تطوير التكنولوجيا الخضراء في دولة مثل: إسرائيل وكافة الدول العربية هو أمر يتعلق بالبقاء وليس فقط بالنمو الاقتصادي. كل أنواع التكنولوجيا الخاصة بتطوير مصادر الطاقة المتجددة وإدارة المياه ومعالجة النفايات والنقل المستدام وغيرها من قضايا التكنولوجيا الخضراء هي الخيار الوحيد المناح أمام دول تعاني من شح المصادر مثل إسرائيل وكذلك الأردن وغيرنا من الدول العربية. الاختلاف يكمن في مدى الجدية بالتعامل مع هذه التحديات وتحويلها إلى فرص للاستثمار.
في الأردن الكثير من الشركات والمبادرات التي يقودها رواد يستحقون الدعم في سياق تطوير التكنولوجيا الخضراء، ولكن لا التشريعات ولا أنظمة الإدارة تعطيهم هذه الحوافز في الوقت الذي يتم فيه منح حوافز لقطاعات أخرى غير إنتاجية ولا تحقق نموا اقتصاديا ولا تفتح فرصا للعمالة الأردنية الماهرة. قطاع التكنولوجيا الخضراء ينمو في العالم بشكل سريع جدا وهو من القطاعات النادرة التي استمرت في النمو بعد الأزمة الاقتصادية في العام 2008 بل أن دولا كثيرا في بضع قارات استخدمت التكنولوجيا الخضراء واحدا من أهم القطاعات الواعدة لخلق الوظائف وفتح الأسواق الداخلية والخارجية وقامت بتطوير أنظمة التعليم والتدريب لتتناسب مع ذلك الهدف.
نجحت إسرائيل بسبب سياسة واضحة في دعم الريادة في عدة مجالات بينما لا زلنا في دولنا العربية ومنها الأردن نتردد في الدخول الجريء نحو دعم القطاعات الاقتصادية الواعدة، وبعد ذلك نستمر في الشكوى لماذا تتطور إسرائيل وتنمو اقتصاديا ونحن نستمر في التراجع؟