أخر الأخبار
هل ينقذ الدم نتنياهو من السقوط؟
هل ينقذ الدم نتنياهو من السقوط؟

لا يمكن تجاهل الآثار التي ترتبت، ولا تزال تترتب على الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة، منذ اختفاء المستوطنين الثلاثة قبل ما يقرب من ثلاثة أسابيع. المستوى السياسي في إسرائيل، استغل أيما استغلال عملية اختفاء المستوطنين، وكأنما كان يتمنى وينتظر أن تتوفر له مثل هذه الذريعة، لتحقيق أهداف، يقدمها كل طرف من أطراف التحالف الحكومي كما يشاء ويتمنى. بين من يعطى الأولوية، لإعادة المختفين ومعاقبة الخاطفين ومن يقف وراءهم، ومن يذهب إلى أبعد من ذلك، بإضافة أهداف أخرى من نوع فك العزلة عن إسرائيل، والمحافظة على استقرار التحالف الحكومي، بين هذه وتلك، ثمة هدف مشترك لكل من يدلي بدلوه في هذا المجال في إسرائيل. كل من له علاقة، يتحدث بشغف عن أن إسرائيل تسعى لتدمير المصالحة الفلسطينية، وإفشال حكومة الوفاق.

في الواقع فإن لائحة الأهداف التي تفكر الحكومة الإسرائيلية في تحقيقها باستخدام ذريعة قوية، هذه اللائحة تطول وتطول، ولكن المسؤولين لا يرغبون في الإفصاح عن محتوياتها حتى لا يشكل ذلك معياراً للمحاسبة.
ثمة من يريد تدمير البنية التحتية لما يسمونه الإرهاب في الضفة وغزة، وعن تغيير في قواعد لعبة الأسر، وصفقات التبادل، وثمة من يرغب في "كي وعي" الفلسطينيين بأن إسرائيل هي الجهة الأقوى والسيدة التي تقرر قواعد اللعبة، الإسرائيليون على اختلافهم يضعون قوائم طويلة من الأهداف، ولكن ماذا عن وقت الحساب؟
من الواضح أن الجهة الاستخبارية الإسرائيلية، لا تزال تحصد المزيد من الفشل فلا هي نجحت قبل ذلك في منع وقوع عملية اختفاء أو اختطاف المستوطنين ولا تمكنت من الحصول على معلومات عن وجودهم، لكي تعيدهم إلى البيت، وهي كانت تستنجد بالأجهزة الأمنية الفلسطينية لكي تحصل منها على المساعدة التي تمكنها من حل ألغاز العملية.
الجيش الإسرائيلي قام بعملية اجتياح، تطاول عملية السور الواقي عام 2002 ولم يترك حجراً إلاّ قلبه بحثاً عن المستوطنين، غير أنه فشل في ذلك على نحو لا يقلل من خطورته، الإعلان عن وضع فلسطينيين اثنين من المحررين في "دائرة الاتهام" وتحت طائلة البحث.
إذا كان لكل شيء حدود، فإن نتنياهو وضع نفسه وجيشه وأجهزته الأمنية في وضع صعب ومعقد، فهو لا يستطيع أن يمضي قدماً وأن يوسع حملته العسكرية الأمنية في الضفة، وأن يلحق المزيد من الأذى بالفلسطينيين، بدون أن يتوقع إدانات دولية، ومواجهات مع الشبان، وربما شكل من أشكال الانتفاضة، حتى لو أن الرئيس محمود عباس يحذر من اندلاعها، ويسعى لمنع ذلك.
لا يستطيع نتنياهو تصعيد العملية في الضفة الغربية أكثر مما هو حاصل فعلياً، لأن ذلك قد يكون سبباً في إلحاق الفشل ببعض الأهداف التي يتوخى ويعمل على تحقيقها باستغلال ذريعة الاختطاف، فهو على الأقل لم ينجح في إقناع الإدارة الأميركية، برفض التكامل مع حكومة الوفاق الفلسطينية، ولا نجح في تحريض المجتمع الدولي ضد السلطة الفلسطينية.
إذا كان نتنياهو لا يستطيع تصعيد عملياته في الضفة، فهو أيضاً لا يستطيع إنهاء هذه العمليات، والعودة إلى البيت لكي يواجه الأسئلة الصعبة من ذوي المختطفين ومن جماعات المستوطنين، ومن أحزاب المعارضة والموالاة، ومن الصحفيين، والكتاب. المجتمع كله سيثور في وجه نتنياهو إذا عاد خائب اليدين، بدون أن يعيد المخطوفين، وبعض الكرامة، والهيبة، للجيش والأجهزة الأمنية والاستخبارية.
نعلم بأن الأمر مختلف في إسرائيل، وبأن المجازفات غير المحسوبة كالتي يمضي بها نتنياهو، وحلفاؤه في الحكومة، لا تمر بدون أثمان كبيرة ونتنياهو، كان قد وقف متحدياً الإدارة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، ويتحمل هو مسؤولية فشل المساعي الأميركية إزاء عملية السلام، وهو أيضاً من يتحمل المسؤولية عن الإهانات التي لحقت بسادة البيت الأبيض، على خلفية سياسات ومواقف من الحليف الأصغر.
قائمة الحساب طويلة، التي نعتقد أن نتنياهو سيتعرض لها، وظهرت بعض أهم مؤشراتها، حين فشل في منع انتخاب الرئيس الإسرائيلي ريفلين، وقبلها حين أقصي عن قيادة الليكود، ولكن هل سيعود نتنياهو قريباً إلى البيت، وهل يستعجل الخضوع للمحاسبة؟
من الواضح أن خروج الجيش والأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، للعمل بقوة ووحشية ضد الفلسطينيين، سيطول نسبياً، فالمطلوب تأخير لحظة المحاسبة في إسرائيل. لهذا فإن التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة، متدرج، ومحسوب، ويستهدف شراء رد فعل فلسطيني، آخر، يقدم الذريعة المناسبة، لتوسيع اطار الأعمال العدوانية على القطاع، إلى عملية واسعة النطاق، لن تعوز إسرائيل خلالها الشعارات أو الذرائع. بعض المحللين الإسرائيليين والكتّاب يتحدثون عن أن الظرف الآن مناسب جداً لإسرائيل لكي تقوم بالعمل ضد المقاومة في قطاع غزة، وضد حركة حماس والمصالحة.