الأردنيون مسلَّحون حتى النخاع! لا أعرف أحدا من أصدقائي لا يملك قطعة أو أكثر من الأسلحة النارية، بعضها مرخَّص والباقي دون ترخيص.
وفي ظني أن السلاح غير المرخَّص في أيدي الأردنيين يزيد عشرات المرات على السلاح المرخَّص. هناك من يملك رشاشات وقاذفات وربما أكثر، والمسدس هو أكثر الأسلحة النارية انتشارا. من يريد امتلاك سلاح ناري يجد اكثر من طريقة لذلك، وهناك سوق سوداء رائجة لمثل هذا النوع من التجارة. الدولة تتكلم عن جمع السلاح غير المرخَّص وعن تغليظ العقوبات لكن الحقيقة أن الأردنيين مدججون بالسلاح بانتظار شيء ما!
في كل يوم تطالعنا الصحف والمواقع عن جريمة أو أكثر يستخدم فيها السلاح الناري. عشرات من الناس يقتلون في كل شهر باستخدام السلاح. أي مجتمع هذا ؟!
نتحدث عن الدولة المدنية و سلطة القانون وهيبة الدولة، لكن الحقيقة ان كبار المسؤولين هم أول من ينشر هذه الظاهرة. شاهدنا بأمِّ أعيننا السلاح الناري تحت قبة البرلمان وفي استوديوهات التلفزيون، وكل خلاف في الرأي ينتهي بمحاولة اشهار السلاح، وكأننا نستعد لحرب أهلية لا سمح الله.
المشكلة الكبرى أن تقع هذه الأسلحة بأيدي الشباب، ونحن نعيش أصلا ظاهرة «عنف مجتمعي» غير مسبوقة، ولسنا بحاجة لـ «معتوه» يقتحم جامعة أو مدرسة ليعبِّر عن إحباطه وغضبه تجاه الآخرين.
ظاهرة انتشار السلاح في المجتمع الاردني تكاد تكون حكرا على هذا المجتمع، وقد ننافس امريكا من حيث النسب والارقام وهي التي تعاني من مصائب قومية جراء استخدام السلاح الناري في المدارس والمولات وغيرها.
حتى امريكا تحاول فرض قوانين لتقنين اقتناء السلاح رغم معارضة الجمهوريين والمحافظين. لكن عندنا يبدو الأمر عاديا. نتحدث عن خطورة الظاهرة وعن ضرورة احتوائها، لكن في الحقيقة ان هناك مؤشرات مقلقة إزاء زيادة كبيرة على طلب السلاح من قبل المواطنين. و وفق احصائية غير رسمية هناك نحو مليون قطعة سلاح بين أيدي المواطنين، ثلثاها غير مرخًّص.
الأردن دولة مؤسسات ولدينا أمن عام قادر على حماية السلم الأهلي وجيش مؤهَّل لصد أي هجوم خارجي، فلمَ التكالب على اقتناء السلاح من قبل المواطنين؟ ما الذي نخشاه؟ وهل وصل الأمر أن يستعد الاردني لمواجهة ما يدفع بالبلاد الى حافة الهاوية؟
يجب على الدولة أن تتدخل حالا، وأن تواجه هذا الظاهرة الخطيرة بما تتطلبه من جرأة وحزم. نحن لسنا دولة ميليشيات وعلينا أن ننظر بكل قلق الى ما يحدث من حولنا. انتشار السلاح غير المرخَّص صفعة كبرى في وجه الدولة الأردنية التي لا يجب أن تترك هذه الظاهرة الخطيرة تستشري في المجتمع.