الفرق في المعنى بين العمالة بمعنى التعاون الأمني، والعمالة بالمعنى الاقتصادي، فرق بسيط، فالعمالة في الحالتين، تعني قبض المال هنا مقابل خدمات.
مئات العمال الاردنيين يعملون في ايلات، ومعهم تنوي فنادق اسرائيلية، توظيف الف وخمسمئة عامل اردني يوميا في فنادق ايلات، شريطة عودتهم يوميا، الى العقبة.
تحويل شعوب الجوار الى عمالة رخيصة عند اسرائيل، جار على قدم وساق، ولم يعد معيار الحلال والحرام، واردا عند احد، فالكل مثل الذبائح في مسلخ واحد.
قبل هؤلاء اسرائيل توظف اهل غزة والقدس والضفة الغربية ايضا كعمال يبنون المستوطنات، وينقلون الحجر، والدين هنا في بعض فتاويه «الرسمية» يسمح بذلك، لكون هؤلاء لابد ان يعيشوا ولا حل لهم الا هذه الطريقة، هذا على الرغم من مذلة تحويل الشعب الفلسطيني من مقاومين الى عمال ايضا في اسرائيل.
لا ننكر هنا، وجود المقاومة كفكرة وعقيدة عند الاغلبية، مثلما لا ننكر ان العرب تركوا الفلسطينيين لهذا المصير المهين، بلا دعم مالي، تاركين اياهم امام حل وحيد، اي التحول الى عمالة عند اسرائيل، تبني المستوطنات على ارض الاباء والاجداد.
تطابق اذن، اذ يتحول الجميع تدريجيا، الى عمال عند اسرائيل، وعندنا هنا يتم بيع اكثر من اربعين بالمائة من الزيتون على شجره لليهود، والبائع يثرثر على مسمعك متحدثا عن الزيتونة المباركة، محوقلا ومبسملا، مصليا وصائما،مفطرا على شيكلاتهم.
صاحب الارض هنا والعامل والبائع وسائق الشاحنة والذي يعصر الزيتون، كلهم عمالة رخيصة عند اسرائيل، ولا يرف لاحد منهم جفن، فالمهم الدنانير، برغم انهم يرون بأم اعينهم ان بركة رزقهم يتم سحقها عاما بعد عام فلا يتوقفون، امام كل هذا المحق في حياتنا.
مع هؤلاء آلاف تجار الاراضي والسماسرة والمستوردين والمصدرين والوكلاء والموزعين، والشاحنات عبر الجسور تكشف حجم الفجيعة اذ نندد بإسرائيل نهارا، وننام في فراشها ليلا.
يكفينا شقاء فالذي لم يكن يقبل وظيفة عند اسرائيل، بات يبرر ذلك، جراء الفاقة، وجراء ما يراه من تحويل الفلسطينيين الى «عمال سخرة» عند اسرائيل، ثم تدفق المصريين وغيرهم من عرب ايضا، للاشتغال عند الاسرائيليين، بل ان سودانيين يقامرون بحياتهم بالتسلل عبر الحدود الى اسرائيل بحثا عن الجنة المتبقية في الارض.
الذي يعود الى ذاكرة المقاطعة ومقاومة التطبيع، يعجب اليوم، فمن مقاطعة شاملة لكل العالم الذي يتعامل مع اسرائيل، الى انحدار كامل، وكل جوار اسرائيل اليوم، مبتلى بالحروب والفتن والذبح، والذي يسلم يتحول الى عامل رخيص عند اسرائيل.
أليس محزنا ان نرى الفلسطينيين وقليل من الاردنيين ومعهم مصريون وعرب، كلهم يتسابقون لتسجيل اسمائهم في كشف العبيد الذين يدعمون اقتصاد اسرائيل.
هم عمليا يرفعون بناءها يوما بعد يوم، تحت ذرائع مخزية، لا تبيح لنا اليوم، التبرم والسؤال حول سر قوتهم، وتراجعنا يوما بعد يوم؟!.
أمة تقبل بشتى أجنحتها ان تتحول الى عمالة رخيصة عند الاحتلال، غير مؤهلة للانتصار، ولا لاسترداد المقدس، ولا يحق لها الثرثرة عن تطلعاتها في سهراتنا.
لولا أغلبنا، لما قامت إسرائيل، ولما صمدت، والنداء يقول :وظيفة لله يا محسنين!.