حرص خامنئي على ابقاء المالكي في موقعه له تفسير واحد هو: حرص طهران على تقسيم العراق حتى لو اختلفت مع السيستاني، والصدر، والحكيم. فليس لإيران مصلحة في بقاء العراق موحداً، وهو عدو للدولة العلمانية فيه.
والغريب أن واشنطن تتفق مع طهران على دور المالكي، وتجامل السعودية وتركيا في رفضها اقامة دولة كردية أو استفراد إيران بالجنوب العراقي.
واللعبة تكاد تكون أحجية: فالمالكي مُصرُّ على حقه في الترشح لرئاسة الوزراء – وهو لا يقول حقه في المنصب – والمخالفون له في «البيت الشيعي» الصدر والحكيم والسيستاني وآخرون غير مستعدين لترشيحه، ولكنهم غير متفقين على تسمية خلفه.. ربما لأنهم بانتظار طهران أو بانتظار واشنطن.
.. وأحجية المالكي لها موازٍ آخر هو توافق طهران وواشنطن وموسكو على تسليح الجيش العراقي وتدريبه، مع ان هناك كلاما كثيرا عن بؤس هذا الجيش الذي يهرب ضباطه وجنوده – فرقتان – من الموصل دون اطلاق رصاصة وترك دباباته وطائراته وصواريخ سكود تقع في يد المسلحين المؤتلفين مع داعش، وقد ظهرت هذه الاسلحة فيما يشبه الاستعراض في دير الزور وترفع علم داعش وتجتاح الجيش السوري الحر والنصرة وكتائب الاسلام في ايام قليلة.
كثيرون يقولون الان ان الجيش العراقي ليس بهذا التهافت وان اوامر وصلته من القيادة بهذا الهرب الجماعي.
وكثيرون يقولون ان خطة المالكي - وطهران - التقسيمية تبدأ باعطاء السنة والاكراد الفرصة لاعلان كيانين مستقلين في كردستان وكركوك، وكيان سني في المحافظات الغربية والشمالية واخلاء الحدود مع سوريا والاردن والسعودية لوصل هذا الكيان بالحلفاء السنة.
لكن المالكي - وطهران - ليسا اللاعب الفرد فهناك في الشيعة من هم عرب استعانوا بطهران واميركا للخلاص من نظام صدام، ولكنهم ليسوا في جيب طهران واميركا، وثبت ذلك الان، ومع ان الجميع يعرف ان آية الله لا يوالي اي آية الله اذا كان قادراً على جعل نفسه مرجعية كاملة، لكن اختلاف آية الله العظمى الايراني وآية الله العظمى السيستاني لم يكن متوقعاً بهذا الوضوح، فالجزء الاكبر من قوة المرجعية العراقية هي في احزاب الشيعة: الصدر، والحكيم، والوائلي والعناصر العلمانية التي لا تتعامل بالعصبية المذهبية لكنها غير مستعدة للخروج من التيار العام وقد استطاع السيستاني بموقفه الحازم احتواء الجميع.. فيما عدا المالكي!!.
والدخول في تفصيلات المشهد العراقي لا يفيد كثيرا، لكنه يخفف من التبسيط الذي تقارفه وسائل الاعلام الالكترونية بالذات.