-1-
لا تنتهي العجائب والغرائب التي تبتدعها غزة، فهي البقعة الوحيدة المحاصرة في بلاد العرب، حيث يعيش نحو مليوني بني آدم في شبه معتقل كبير، ومع ذلك، هي وحدها القادرة على جدع أنف إسرائيل، حتى ولو كان الثمن باهظا جدا، وحدها من يستطيع تهديد «أمن» المحتل، وإطلاق صافرات الإنذار في تل أبيب، وحدها من تدفع المشاركين في مؤتمر «السلام» الدولي إلى الهروب إلى الملاجىء، رغم أن المؤتمر يعقد في قلب تل أبيب، المكان المفترض أن يكون الأكثر أمنا في فلسطين المحتلة، رمزية المشهد تتجاوز كل كلام، خاصة حين تشاهد قاعة المؤتمر وقد خلت تماما إلا من يوفال ديسكين، رئيس الشاباك السابق الذي بقي وحده في القاعة يعبث بهاتفه الخلوي، ورفض النزول إلى المجال الآمن!
-2-
مما تفجر في الصدر ونيران الحق الصهيوني تحرق قلوبنا، ونحن نرى غزة تحترق، وتقاوم، فيما نحن نستعين بالأدعية المضادة للطائرات:
الموت بقذيفة عدو أشرف مائة مرة من الموت قهرا من نذالة وخيانة الشقيق، الفلسطيني خصّه الله بشرف مقاومة ألد أعدائه!
أشعر بالخجل من ربي عز وجل، ومن فلسطين، حين لا أجد لنصرة شعبها إلا الدعاء!
مقاتلو فلسطين، يتصدون بلحمهم الحي لآلة الموت الصهيونية، ومليارات العرب تصرف على سلاح لا يخرج إلا للفتك بالشعوب والأشقاء؟
-3-
منذ اليوم، على الحناجر العربية، أن تهتف من الماء إلى الماء: الشعب يريد الحصار!
ما دامت غزة التي يحاصرها العرب واليهود «قهرت» الجيش الذي قهر إحدى وعشرين نظاما عربيا!
مليونان من «المحاصرين!» المعتقلين في سجن كبير، يحاصرون أقوى «دولة» في المنطقة، ويعيدون تعريف الكرامة والكبرياء القومي!
-4-
حاصـــــــــــر حصارك َ ..... لا مفـر ُّ
سقطت ذراعك فالتقطها واضــرب عدوك .. لا مفر ُّ
وسقطت قربك ، فالتقطني واضرب عدوك بي .. فأنت الآن حــر ....... و حــــر ٌّ ...... وحــــر ُّ، قتلاك أو جرحاك فيك ذخيرة ٌ فاضرب بها . اضرب عدوك .. لا مفرُّ، أشـــلاؤنا أسماؤنا حاصـر حصـارك بالجنون ِ .... وبالجنون ِ ..... وبالجنون ْ
ذهب الذين تحبهم ذهبوا فإما أن تكون أو لا تكون ، ســــقط القناع عن القناع عن القناع ،
ســـقط القنـاع، ولا أحد ْ
محمود درويش