دماء الغزيين التي تسيل مؤلمة جدا، وإذا كانت الشهادة لا يمكن مساواتها بأي فعل آخر، وتصغر كل أفعالنا امام هذه الشهادة، وآلام الغزيين وجراحهم، وهدم بيوتهم، إلا أن هذا لا يعني أن نتفرج فقط.
في غزة آلاف البيوت المهدَّمة، وبحاجة الى ترميم، وهناك أيتام لاعدد لهم ولاحصر، سواء في غزة أو القدس أو الضفة الغربية، واحتياجات الشعب الفلسطيني كثيرة.
كل الأرقام التي تسمعها أحيانا عن تبرعات هؤلاء أو هؤلاء، قد لا تصل، وقد تصل ويتم انفاقها، حتى بغير الطريقة التي يريدها المتبرع، واحيانا تتم المبالغة بقيمة رقم التبرع لأن حساب قيمة الغذاء او الدواء المقدمين يجري وفقا لمعايير عالمية، ينفخ من قيمتها الاساس بشكل مبالغ.
مقابل كل هذا لدينا انموذج اردني مهم جدا، وهو انموذج مرخص رسميا، وشفاف، ونظيف، يستحق الاحترام والتقدير، أي لجنة زكاة مناصرة الشعب الفلسطيني، وهي لجنة يكفل عبرها عشرات الاف الاردنيين، عشرات الاف الايتام الفلسطينيين، في غزة والضفة والقدس، والكفالة ليست مرتفعة، خمسة وعشرون دينارا شهريا، وهو مبلغ نهدر اضعافه على اشياء ليست ذات قيمة.
مع تقديري لذاك الذي كان يوزع الحلوى في عبدون ابتهاجا بصواريخ القسام ضد اسرائيل، فقد كان الاولى به دفع كلفة كنافته لطفل يتيم في غزة، يكفله شهريا، فالناس تموت، وبعضنا يستعرض دون فائدة.
غزة اليوم، بحاجة ايضا لدعم لها ولأهلها، لأن اعتبار النضال الالكتروني، عبر اطلاق قذائف الغضب عبر «الفيس بوك» و»التويتر» والمقالات، نضال مثير حقا.
كأنه تحول الى وسيلة تنفيس لهذه الشعوب، او انها تختبئ خلف تجارة الكلام، لتبرر تقصيرها، وهي تجارة تراها في الإعلام الاجتماعي، وفي مسيرات الغضب احيانا، وهنا وان كنا لاننتقص من دوافع احد، إلا أن الأجدى ايضا ان تسهم بقليل من مالك لأجل غزة، من كفالة الايتام وابناء الشهداء، وصولا الى ترميم البيوت المهدَّمة ، مرورا بالدعم الصحي والغذائي.
قضية فلسطين، يراد لها احيانا ان تتحول الى قضية «طحين وسردين» ومجرد مؤن غذائية، وهذا استدراج في بعض جوانبه، لكننا نقول ايضا ان مساعدة الغزيين، تتم بوسائل كثيرة، من بينها الدعم المالي، كإحدى الوسائل، لكن دون ان تكون الوسيلة الوحيدة، باعتبار ان «عليهم الدم وعلينا المال»!.
لأولئك الذين يشعرون بمسؤولية تجاه أهل غزة ادعوهم لزيارة الموقع الالكتروني للجنة زكاة مناصرة الشعب الفلسطيني[email protected] او زيارة اللجنة، في جبل الحسين، أو الاتصال على هاتف اللجنة في عمان وهو 5697461 6 962+.
كم هو شعور عظيم أن يكون لك يتيم تكفله في غزة، أو الضفة او القدس، تأتيك رسائله وتقاريره الدراسية ويراسلك مباشرة، وتعرف أخباره كل فترة، في ظل اداء نظيف وشفاف لهذه اللجنة العظيمة، والتي تعكس ايضا، فرادة الاردنيين في دعمهم لأشقائهم في غزة وغير غزة؟!.
هو أمر مثير أن تكفل اللجنة اكثر من ثلاثين الف طفل يتيم، او ابن شهيد، وما لهم يتم دفعه شهريا من كفلاء أردنيين، هذا فوق برامج الإعمار والمعونات وتفطير الصائمين وغير ذلك.
برغم اننا نقول إن قضية فلسطين يراد تحويلها الى قضية طحين وسردين وبقج غذائية، إلا أن هذا التحذير لايعني رفع اليد عن فقراء فلسطين وضحايا العدوان الوحشي عليها، ولا يعني التخلي عن غزة، بـاعتبار ان القضية ليست طحينا وسردينا، لكننا نريد ماهو أكثر من صرف الغضب بالكلام والشعارات.
إذ نحث الناس على كفالة الأيتام وأبناء الشهداء، عبر هكذا لجنة، نقول ايضا ان المراد هنا، ألا تكتفي بالدموع، وان يكون لك «لحم حي» في غزة والضفة والقدس، تسقيه بدعمك ومؤازرتك، باعتباره لحمك، قبل أن يكون عابر سبيل او غريب بحاجة لصدقتك.