أخر الأخبار
في حضرة الجيش
في حضرة الجيش
قادني الفخر لزيارة القيادة العامة للقوات المسلحة، ولقاء رئيس هيئة الأركان المشتركة، اللواء الركن يوسف الحنيطي، لم أكن يوما بمثل تلك المشاعر إلا حينما أكون بين الجيش، فأنا ابن عسكري أمضى حياته جنديا مقاتلا في فلسطين والكرامة، ومن قرى غالبية عائلتها ابنائها من منتسبي الجيش والأجهزة الأمنية، فهيبة الشعار والفوتيك والقايش لها وقع خاص في نفوسنا.
على مدارسنوات مضت تجولت في فلسطين العزيزة ، باحثا عن أضرحة شهداء الجيش العربي الأردني، ومكان تواجد كتائب الجيش ، وحتى غرفة القيادة والآبار في اللطرون وتل الذخيرة زرتها، قمت بترميم بعض قبور الشهداء أو بنائها من جديد ورفع العلم الأردني عليها ، اعرف مقابر شهداء الجيش الأردني في نابلس، وادي التفاح، رام الله والبيرة، المنطار ودير شرف، الكفير واليامون ويعبد في جنين، عقابا في طوباس، اللطرون والقدس، بيت لحم والخليل وقلقيلية، زرتها وقمت على خدمتها، وتتبعت قصص استشهاد عدد من جنود الجيش الأردني فيها.
عملت على إنتاج برنامج وثائقي مع اذاعة حياة اف ام ، يروي قصص استشهاد ثلاثين شهيدا في عدة مناطق ومعارك في فلسطين، حمل اسم «شهداء على أسوار القدس»، تتبعت بها سيرة الشهداء منذ لحظة مغادرتهم الأردن وحتى استشهادهم في المعارك، والذي سيتم تحويله إلى كتاب خلال الفترة المقبلة.
بمروري من بوابة قيادة الجيش، بادرت بتأدية التحية للعسكر، وأبادلهم السلام « قوك بالحشم» أو « قوك سيدي» ، حتى وصلت إلى مقر رئيس هيئة الأركان، استقبلني النشامى بكل ترحاب ، انتظرت للحظات حاملا بين يدي هدية لرئيس هيئة الأركان عبارة عن مجموعةافلام وثائقية من سلسلة «شهداء على أسوار القدس»، لأجد حال دخولي لمكتبه أن بادرني بالسلام مع الابتسامة المهيوبة، بملابس العز والفخر العسكرية .
تبادلنا حديث طويل منه عن علاقتي بالجيش، كابن لأحد منتسبي الأجهزة الأمنية سابقا (رحمه الله) وكاتب صحفي مهتم بتاريخ الجيش والأجهزة الأمنية وتوثيق تضحيات الجنود من شهداء ومصابين وحتى المحاربون ، فوجدت الباشا صاحب حنكة سياسية وقائد عسكري فذ، يؤمن بالعمل بصمت، لطيف الحديث غير متصنع ، يخاطب العقل والقلب ودود ، انسان متواضع يمتلك خصال القادة النشامى، ويردد في حديثه «نحن جنود الوطن ونحن من الأساس أبناء عسكر»، وحديث لا مجال لذكره هنا ، لكن الباشا متابع ومطلع على أدق التفاصيل، يعرف كل شبر في الأردن وحدوده، وكما يقول «كلنا جنود فداء للبلد وقائده»، ويردد «كلنا عسكر لهذا البلد ، المهم يكون الأردن بخير»، وأحنا الحمد لله بألف خير بفضل الله تعالى ثم جهود سيدنا.
توجهت للباشا بسؤال عن سرسعادة جلالة الملك وابتسامته الدائمة حينما يكون بين الجيش وضحكته بادية على محياه ، فبادرني الباشا بضحكة «يا سيدي جلالة سيدنا ابن القوات المسلحة وهذه محبة متبادلة بينه وبيننا جميعا كجنود ، وسيدنا دائما الجيش موضع تقدير واعتزاز لديه ، ونحن فداء له ولهذا الوطن الذي نعمل بكل ما نملك لأن يكون الوطن بهيا مصانا «.
الحديث في حضرة الجيش يطول، فالباشا طيار حربي ، حلق فوق كل شبر من الثرى الأردني الطهور، يعرف سهوله وجباله وقراه وبواديه، يؤمن بأن الأردن وقائده وشعبه هم الأغلى على قلبه، تحدثت عن رغبتي بمتابعة زيارة أضرحة شهداء الجيش الأردني في فلسطين والأردن، وأنني بصدد اعداد سلسلة جديدة من التوثيق عن شهداء القوات المسلحة، تحت اسم «سلام قف» تروي بطولات أبناء القوات المسلحة من شهداء ومصابين ومحاربين، وهو ما بركة الباشا وسيكون قريبا بإذن الله تعالى .
شكرا سيدي الباشا ، فمثلك قائد حديثه مقدر وموزون ، عزيز على قلوبنا ، دليل ونور لمستقبلنا، شكرا على حجم المعنويات والفخر بجيشنا الذي جعلني أعانق عنان السماء، شكرا لكل العسكر الذين تكحلت عيناي برؤيتهم، فلم يكن يوما احد أحب على قلبي مثل الجيش والعسكر، دعائنا لله في كل سجدة بصلاتنا أن يحفظ الله الوطن وشعبه وقائده وهذا الجيش العربي المصطفوي، وسيتجدد اللقاء بكم وبينكم قريبا بإذن الله.