رام الله - الكاشف نيوز : في حوار للحدث مع القيادي توفيق الطيراوي، الذي يصف نفسه بأنه من الأقلية داخل اللجنة المركزية لحركة فتح، فيما تنظر إليه شريحة واسعة من قاعدة حركة فتح بأنه ممثل الأغلبية، ليس فقط في اللجنة المركزية ، واصل في تصريحاته التي مازالت تحافظ على ما تبقى من أدبيات حركة فتح، وثقافة المقاومة المتجذرة فيها وباتت بعيدة عنها إلى حد كبير وهي صاحبة الرصاصة الأولى بحسب الكثيرين من أبناء الحركة، وللقيادي المترعرع على ثقافة الحرس القديم لحركة فتح، توفيق الطيراوي العديد من المواقف المعلنة، من أداء القيادة الفلسطينية الحالية، ما دفعنا لنضع هذا السؤال، ليكون نقطة انطلاقنا في هذا الحوار الذي توقفنا فيه أمام العديد من المحاور الهامة والحساسة في مثل هذا التوقيت من تاريخ صراعنا مع المحتل الغاصب، فكان الحوار التالي معه:
س: كيف تقيم أداء القيادة الفلسطينية خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ؟
يجب أن نفرق أو نمييز بين العمل السلطوي، والعمل في إطار منظمة التحرير، العمل السلطوي يتمثل بالوزراء ورئيس الحكومة والرئيس، هم يخاطبون مجتمعاً دولياً، ودول عدة، وبشكل دبلوماسي، ولكن هذه اللغة التي يخاطبون بها رؤساء الدول والعالم الآخر، غير الفلسطيني، لا يفهمها الشارع الفلسطيني بشكل صحيح، قد يكون لأن هناك مفردات يريد الشارع أن يسمعها من القيادي ولا يسمعها، وبالتالي كان يجب على قادة التنظيمات الفلسطينية ابتداءً من فتح إلى التنظيمات الأخرى أن ينزلوا إلى الشارع، وأن يحتووا الوضع في الشارع، عن طريق تواجد الكل الفلسطيني في الشارع ضد العدوان الإسرائيلي الذي وقع ضد الضفة الغربية، والذي يقع الآن ضد غزة، وبالتالي هناك تقصير في هذا الموقف، بمعنى أن هناك تقصيرا في توزيع الأدوار والمهام.
س: ما هو موقفك من الجدل المثار حول موضوع التنسيق الأمني؟ ولماذا لا تتخذ القيادة الفلسطينية قراراً بوقفه في ظل تصاعد جرائم الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني؟
هناك لغط وفهم غير صحيح لموضوع التنسيق الأمني، التنسيق الأمني كما تراه إسرائيل غير ما نراه نحن، وأنا من وجهة نظري أن المصطلح الأدق والأنسب هو الاتصالات الأمنية وليس التنسيق الأمني، والاتصالات الأمنية موجودة بين كل دول العالم، بيننا وبين أمريكا وروسيا ومصر، وبين الدول وبعضها، في عام 1994 كان المفروض أن نكون مسؤولين عن مناطق “أ” أمنياً، وبالتالي الإسرائيلي ممنوع أن يأتي ليعتقل أحداً في منطقة “أ”، فإذا أراد شخص القيام بعملية، كان الإسرائيليون يتصلون بنا ويقولون إن فلاناً يسكن بالمنطقة الفلانية ويريد أن يقوم بعملية، وعليه، نحن من نقوم باعتقاله ولا نسمح للإسرائيليين بالدخول لاعتقاله، ولا نعطي معلومة للإسرائيليين، لأننا لسنا جزءاً من المنظومة الأمنية الإسرائيلية، بل بالعكس، يجب على إسرائيل أن تدرك أنها لن تحظى بأمن وسلام إلا بتحقيق الاستقلال للفلسطينيين، ومنحهم الحرية التامة. بعد اجتياح عام 2002 لكل الضفة، أصبح الإسرائيلي يعتقل من مناطق “أ”، فأصبح كل الوضع الفلسطيني تحت الاحتلال وانتهت التقسيمات.
وبالتالي الاتصالات الأمنية موجودة صحيح، ولكن لها شقان الأول خدماتي ويشمل الصحة، والمعابر، وتنسيق السفر، وهناك شق أمني، والشق الأمني موجود ضمن اتفاقيات أوسلو ولكن هذا قامت إسرائيل بإنهائة وإنهاء أسبابه.
س: هذا كلام مهم، ولكن بما أنه كما تقول إن التنسيق الأمني على قاعدة أوسلو قد انهته إسرائيل، فلماذا نتمسك به نحن؟
نحن لا نتمسك به، فالكلام الذي يقال عن التنسيق الأمني هو كلام خاطئ، خاطئ.
س: ولكن السيد الرئيس هو من يتحدث عنه؟
حتى الكلام الذي يتحدث فيه السيد الرئيس.. السيد الرئيس كان يجب أن يُشرح له ما هو التنسيق الأمني، الأمريكيون والإسرائليين يقولون عنه تنسيقاً أمنياً، أنا لا أقول عنه تنسيقاً أمنياً، أنا أقول اتصال أمني وليس تنسيقاً أمنياً، فلو افترضنا أن هناك قاتلاً قتل فلسطينياً وهو عند الإسرائيليين، كيف سأبلغ عنه؟ أليس عبر الاتصال الأمني؟
س: في ظل هذه الأجواء والتداخلات، ما هي الخيارات التي تمتلكها القيادة لمواجهة هذا العدوان وجرائمة ضد شعبنا وانسداد الأفق للحل السياسي؟
أولا لا يوجد حل سياسي، لا اليمين ولا اليسار ولا الوسط في إسرائيل يمكن أن يحلوا سياسياً، بالمطلق، هناك معادلة يجب أن يعيها الجميع، وهي أن هناك طرفاً إسرائيلياً يستطيع أن يصنع السلام ولا يريد، وهنا طرف فلسطيني يريد أن يصنع السلام ولا يستطيع، وبالتالي الأفق مغلق وعلينا أن نذهب مرغمين لخيارات أخرى، والخيارات هنا كثيرة أولها المقاومة ولها أساليب عدة أعنفها أو أكبرها الكفاح المسلح، وأصغرها العصيان المدني، والمقاومة الشعبية والإضرابات، المظاهرات وضرب الحجارة إلى آخره. الإنجاب مقاومة، زراعة الأراضي في منطقة “ج” مقاومة، والبناء في هذه المناطق مقاومة، ويجب علينا أن نعرف أن لكل أسلوب من أساليب المقاومة زمانه وظروفه ومكانه وعوامله الموضوعية التي لا ينفصل عنها، وهذا يتطلب منا اختيار الوقت المناسب لأي أسلوب، المهم ألا تسقط ثقافة المقاومة، لأنها الحامي الوحيد لأبناء شعبنا وللأجيال الصاعدة، ثانياً، علينا الذهاب إلى المحافل الدولية، ويجب أن نقاتل إسرائيل دولياً، وأن نذهب لمحكمة الجنائية الدولية، نحن أخطأنا بأننا تأخرنا، كان يجب أن نذهب بعد حصولنا على عضوية الدولة، ثالثاً، علينا أن نأتي بأساليب خلاقة لمحاربة الاحتلال، وهناك الكثير من الخطوات الشكلية بالإضافة إلى الجوهرية، فعلى سبيل المثال، يمكن اللجوء إلى المتطلبات الرمزية لوضعية الدولة كأن نقوم بتغيير الجوازات والهويات، وأن نضع مصطلح دولة فلسطين بدلاً من مصطلح السلطة الوطنية الفلسطينية، ماذا ستفعل إسرائيل لأنها ضد كلمة دولة؟ ورفضت سابقاً المكاتبات العلاجية بسبب وضع كلمة دولة عليها، هنا إسرائيل ستمنع كل الشعب الفلسطيني من الخروج فيصبح الشعب كله معتقل، وهنا يمكننا أن نخلق أزمة لإسرائيل دولياً، وهذا ما يجب على القيادة أن تعيه.
س: أنت تتحدث عن المقاومة، هل نمتلك نحن إرادة المقاومة؟ بمعنى قبل مدة دعوت أنت لإيجاد لجان شعبية، واللجان كي تتشكل تحتاج إلى موافقات فصائلية، ومع ذلك دعوتك لم تلق آذاناً صاغية، بل هناك من حاربها، فهل تعتقد بعد كل هذا أننا نمتلك إرادة المقاومة؟
لدينا مشكلة حقيقية، فمنذ عدة سنوات وثقافة المقاومة آخذة بالتلاشي، أصبحت الثقافة البديلة ثقافة الراتب والأمر الواقع، ويجب أن تنتهي هذه المهزلة، يجب على القيادة أن تذهب لكل مدينة وقرية ومخيم وأن تتحدث مع الناس، وترفع معنوياتهم، بمعنى آخر، أن تعزز القيادة صمود شعبها على أرضه، فعندما يقدم أي مستوطن على حرق مسجد أو سيارة أو يعتدي على الناس، يجب أن يجد لجاناً شعبية مهمتها الأولى حماية وحراسة الممتلكات العامة، والأماكن الدينية، هؤلاء يجب أن يحرسوا قراهم، هذه الثقافة، إذا كرست بشكل يومي، ستصبح أمراً واقعاً، ولكن هذه القرى بحاجة إلى أن نذهب لزيارتها كقيادة وأن نقول لهم بالفم الملآن “احموا قراكم، احموا ممتلكاتكم، اصمدوا على أرضكم” للأسف هناك تقصير من قبل القيادة والتنظيمات الفلسطينية، ومعنى ذلك أن الأطر القيادية التنظيمية الفلسطينية أصبحت بعيدة كلياً عن الشارع، والدليل حجم المظاهرات التي خرجت بعدة عشرات أو مئات لنصرة غزة، هذه كارثة وعيب وعار أن تخرج مظاهرة من عشرات أو مئات، وهذا يطرح سؤالاً مهماً يتطلب إجابة القيادات الفلسطينية عليه: لماذا ابتعد الشارع عن المنظمات الفلسطينية كل هذا البعد؟ لأننا بصراحة لا نعبر عن آمال وآلام شعبنا، يجب أن نلتصق بشعبنا حتى يكون شعبنا ملتصقاً بنا، عندما نهتف يستجيب لنا، لا أن نكون بعيدين عنه وعندما نهتف فلا يسمعنا أحد.
س: كيف تقيم آداء اللجنة المركزية في هذه المرحلة؟ وماذا عن ما أشيع من خلافات بينك وبين الرئيس محمود عباس في الآونة الأخيرة، هل هذا صحيح؟ كيف يتخذ القرار داخل اللجنة المركزية؟ هل هناك خلافات؟
يجب أن نعلم أن لا أحد في الكون، حتى الأب وأولاده هم عباره عن نسخ كربونية عن بعضهم في الأفكار، فعندما نناقش أي موضوع نعم هناك تباينات في الأفكار، ولكن في نهاية المطاف عندما تحدث تباينات أو اختلاف نلجأ إلى التصويت، ونلتزم برأي الأغلبية، وبالنسبة لي شخصياً أنا لست مع الأغلبية أنا من الأقلية، أما بالنسبة لأداء اللجنة المركزية، كان يجب أن يكون أفضل من ذلك وأن يكون تواجدهم في الشارع أكثر، وفي الإعلام أكثر، وخاصة أن الاعتداء الذي حصل ضد شعبنا، بداية كان في الضفة الغربية والقدس، والقربان الذي قدمه محمد أبو خضير، ومن ثم تداعت الأمور وانتقلت إلى غزة، أنا أعتقد أن شعبنا وجماهيرنا تقدمت علينا كقيادة.
س: هناك اتهامات لموقف حركة فتح، فالبعض يعتبر أن ما يقوله توفيق الطيراوي يعبر عن رأي الشارع، والبعض الآخر يقول إن هناك قيادة ورئيساً، وما يقوله توفيق وبعض القيادات الكبرى في حركة فتح يتضارب مع تصريحات بعض الناطقين الرسميين باسم الحركة، لماذا كل هذه الضبابية في الموقف، وما هو الموقف الحقيقي؟
نعم هناك بعض الناطقين باسم الحركة يخطئون بالمغالاة، ومنهم جمال نزال الذي اتخذ بحقه قرار من اللجنة المركزية بالفصل. عندما تكون هناك معركة مع إسرائيل يجب أن تتوحد كافة الجهود من أجل التصدي لإسرائيل، لأن هذا عدو ويجب التصدي له إعلامياً، ولا يجوز أن أذهب للحديث هنا أو هناك عن الخلافات، لدينا مئة ملاحظة على حماس وآدائها ومعاملتها مع شباب فتح، ولكن ليس هذا وقته الآن، الآن هناك حرب، هناك دم وحالة قصف، وعلينا ألا نبحث عن ثغرات، بل علينا أن نتحد جميعاً من أجل مواجهة هذا العدوان، البعض يقول إن فتح غير ناجحة إعلامياً وحماس ناجحة، والفرق أن حماس تدافع عن حزب وتنظيم مغلف بقضية، أما فتح فتدافع عن شخص الرئيس، وهنا أقول علينا أن نعي جميعاً أن الدفاع عن الرئيس يجب أن يكون من خلال دفاعنا عن القضية، لا أن ندافع عن الرئيس وننسى القضية، أن يكون دفاعنا عن الرئيس في سياق دفاعنا عن القضية وليس العكس، هذا هو الفارق وهذا هو الموضوع، أما من يقول أن توفيق الطيراوي نبض الشارع، نعم لي الفخر أن أكون كذلك، فأنا ابن الشارع، عندما كنت رئيساً للمخابرات كان أهم تقرير يأتيني يومياً من كل محافظات الضفة، عبارة عن صفحتين في رأي الشارع، السائق وبائع الخضراوات، والعامل، وصاحب البسطة، وكنت أتعرف صباح كل يوم على رأي الشارع في قضية الساعة.
س: بناء على هذا الكلام ما هو موقف فتح الرسمي من المقاومة والعدوان؟
موقف فتح من العدوان واحد وثابت رسمياً وشعبياً ومؤسساتياً، ولكن كل منا يعبر بطريقته الخاصة، بعض الأخوة يعبرون عن رفضهم بشكل حاد ومباشر، والبعض الآخر يعبر بطريقة أكثر دبلوماسية ولباقة، أنا مثلاً من الشق الأول الذي لا يعرف الدبلوماسية ويعبر بشكل صريح ومباشر، وأما المقاومة فيجب أن يعلم الجميع أن حركة فتح ومن خلال المؤتمر السادس لم تسقط خيار المقاومة بكافة أساليبها، وموجود في البرنامج السياسي للحركة.
س: بمناسبة الحديث عن المؤتمر، ما هي التحضيرات للمؤتمر السابع، وهل ترى في هذا المؤتمر محطة هامة في استنهاض الحركة من الداخل، واتخاذ مواقف تتوائم مع نبض الشارع؟
أعتقد أن المؤتمر القادم مهم جداً، خاصة وأن الظروف المحيطة خطرة وحساسة، ولكن هناك بعض الأخوة الذين يحاولون تغيير النظام الداخلي للحركة، وإذا تم التغيير بالأسلوب والفكرة التي يتم طرحها، أعتقد برأيي سيكون هذا تأبيناً لحركة فتح. أما الآن فنحن أمام هذا العدوان الغاشم، فعلينا جميعاً أن نتصرف بما نقر ونؤمن به، وهو أننا لسنا طرفاً محايداً، فالعدوان قائم على كل الشعب وليس على حماس فقط، ونحن جزء من هذا الشعب.
س: ما هي الخيارات التي تمتلكها حركة فتح في مواجهة العدوان؟
أولاً يجب أن نعلم أن الكل ضد العدوان، الخلاف فقط في التعبير عن الموقف الذي هو ضد العدوان، وهنا أقول وأكرر، إننا لسنا طرفاً محايداً، نحن شريك أساسي في الذي يجري داخل الوطن، لكون العدوان يقع على كل الشعب الفلسطيني وبالتالي كل التنظيمات الفلسطينية المقاومة تقاتل في غزة، علينا الذهاب إلى الأمم المتحدة من خلال مجلس الأمن، أو عن طريق الجمعية العامة، بالإضافة إلى طلب الحماية الدولية، والنزول إلى الشارع بمظاهرات ضد الاحتلال، والعمل عالمياً مع الجاليات الفلسطينية والسفارات، لاستنهاض العالم أجمع للخروج إلى الشوارع ضد إسرائيل وممارساتها السياسية، ومن ثم الاشتباك المباشر بالمقاومة الشعبية عن طريق خطوط التماس الموجودة، بمعنى أن يعرف العدو أن كل شارع ومخيم وقرية ومدينة هو في حالة تماس مباشر مع العدوان الإسرائيلي الواقع على أهلنا وبلدنا، ومن ثم الاتصالات العربية والدولية وهذا ما تقوم به الآن حركة فتح، وما تقوم به السلطة في هذه الأثناء.
س: في حال كان الخيار الشعبي هو خيار أن تكون هناك انتفاضة شعبية، هل أنت مع هذا الخيار أم ضده؟
الانتفاضة الشعبية أنا برأيي هي مسألة وقت، كلما زاد الضغط اقتربت ساعة الانفجار، والانفجار قادم، والسؤال هو، هذا الانفجار هل سيكون ضد الاحتلال أم ضد السلطة؟ إسرائيل وبعض المستفيدين، سيحاولون أن يجعلوا هذا الانفجار ضد السلطة، وهنا يجب أن نفهم شيئاً واحداً، وهو أن التنظيم الوحيد الذي إذا انتهى، انتهت القضية، هو حركة فتح، ليس لأنني انتمي لهذه الحركة، ولكن لأنها حركة الشارع الفلسطيني، وحركة الشعب الفلسطيني، وحركة الجماهير، وهي حركة المشروع الوطني الفلسطيني، وبالتالي هناك مؤامرات تحاك ضدها بدأت عام 2003 عندما حمل شارون خطة هاليفي رئيس الموساد في ذلك الوقت إلى بوش، وهي بعنوان تدمير حركة فتح، وتدمير حركة فتح هو إنهاء كل المشروع الوطني، البعض هنا قد يستفيد من هذا الوضع ولكن أنا أقول، أكلت يوم أكل الثور الأبيض.
س: يبدو أن هناك ارتباكا واضحا في كيفية تعاطي حكومة التوافق مع قضية رواتب الموظفين، ما هو الأفق، وما تقييمك لأداء رئيس الوزراء رامي الحمد لله وحكومة التوافق؟
أداء رئيس الوزراء محكوم بأداء وزرائه، وهناك وزراء يقومون بعملهم على أكمل وجه، ووزراء أنا شخصياً ضد وجودهم في الوزارة، باختصار رئيس الحكومة هو الذي يدير عمل الحكومة، وبالتالي لا علاقة له بآداء هذا الوزير أو ذاك، هو مطالب بمحاسبة هذا الوزير أو ذاك على مستوى الآداء الذي يقدمه، إن كان جيداً أو غير جيد، وعند الحديث عن الرواتب، علينا أن نتحدث عن المصالحة، وأنا قلتها أكثر من مره، المصالحة التي حدثت، حدثت بطريقة خاطئة، وأنا أقول، هذه ليست مصالحة بل مصافحة، كان علينا قبل أن نذهب لإنهاء الانقسام معالجة الكثير من المسائل قبل أن نوقع ونشكل حكومة من فوق، الحكومة ليس لها أرجل، وهنا يجب أن أشير إلى أن الأجهزة الأمنية في الضفة تختلف عن غزة، ففي غزة أنت لا تستطيع أن تقود، وانظر ما وقع من اعتداء على وزير الصحة، من قام بهذا الاعتداء؟ هل تم اعتقالهم؟ قد يكون الفاعل من أفراد الأجهزة الأمنية الموجودين في غزة، هناك 270 عضو من فتح وجهت لهم بلاغات لإقامات جبرية في البيوت، كيف تكون في حكومة توافق، وتأتي هكذا بلاغات؟ ثم أن هذا يطرح تساؤلاً، من الذي يحكم هناك؟ وما هو دور رئيس الوزراء في مثل هذه التجاوزات؟ الحكومة لا تستطيع فعل شيء في غزة أمنياً، قاموا بطلب أدوية، وعندما ذهب وزير الصحة للإشراف على الموضوع، تعرض للضرب والشتم، فمن هو الوزير الذي يستطيع أن يذهب ثانية ويعرض نفسه للضرب والإهانة؟ ومن هنا أقول إن الخلل بنا، وكان علينا قبل تشكيل الحكومة أن نعرف كيفية توقيع البنود التي تستطيع أن تضع للحكومة أرجلاً لكي تمشي عليها، وبالتالي المصالحة حصلت لأن حماس كانت في وضع سلبي وسيء، وبسبب تردي علاقتها مع مصر، ناهيك عن أزمة الرواتب ووضعها الاقتصادي الصعب، هو الذي دفعها للتسريع في المصالحة، وأنت كمواطن عليك أن تدفع الثمن.
س: الكل يعلم أن المبادرة المصرية التي وافق عليها الجانب الإسرائيلي، رفضتها حماس وفصائل المقاومة في غزة، ما رأيكم في فتح، مع القبول أم الرفض؟
أنا لا أستطيع إلا أن أكون مع الشارع الفلسطيني ومع المقاومة الفلسطينية، ولكن الجهد الذي بذلته مصر، هو جهد مبارك لإنهاء هذه العدوان، وأنا أيضاً مهم جداً لدي إنهاء العدوان، ولكن حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمة، علينا نحن كفلسطينيين أن نبني استراتيجية وطنية تنفذها كل فئات الشعب الفلسطيني، حتى لا يصبح الشارع الفلسطيني أسير عملية من واحد يستطيع أن يخطف الشعب الفلسطيني كله إلى عواقب غير محسوبة، وإلى أوضاع غير محسوبة، هنا عندما تكون لدينا استراتيجية واحدة، على الجميع أن ينفذ هذه الاستراتيجية الوطنية ضمن الرؤية الواحدة وما تقوم عليها، سواء وضعت فيها سياسة أو مقاومة أو أي شكل تريد أن تقاتل من أجله، لا أن يكون لكل تنظيم استراتيجية خاصة به.
وأما عن المبادرة، فهي لا تختلف عن مبادرة ال 2012، والسؤال لماذا وافقت عليه حماس في ذلك الوقت، ولم توافق عليه الآن؟ أنا أعتقد أن هذا الموضوع سيناقشه الأخ أبو مازن مع الأخوة المصريين، لا أريد أن أعطي فتوى فيه.
س: هل تعتقد أن حركة فتح تمر بعملية انهيار من الداخل ؟
لا، حركة فتح موجودة، ولكنها بحاجة إلى قيادة، وإذا كان هناك قيادة لفتح، تستطيع أن تستنهض الحركة، وأن تعيد لها قوتها ومكانتها، نحن بحاجة أولاً: إلى قيادة شجاعة ومضحية، بعيدة عن المواقع والمراكز في السلطة، ثانياً: تأطير الحركة تنظيمياً، ثالثاً: استنهاض الحركة سياسياً، رابعاً: إعادة يد فتح الطويلة، لكل من يتطاول على فتح من خارجها، أو لكل من لم يلتزم بها من داخلها، إذا وضعنا هذه النقاط الأربعة مع فكر جديد متطور مع العالم، وبأفكار جديدة نواجه بها العصر، فيكون هنا أخوة مهمتهم استنهاض الحركة بعيداً عن السلطة، لأن رأيي ضد أن يكون رئيس الحركة هو رئيس السلطة، ورئيس المنظمة، يجب أن نفصل بين هذه المواقع، وأن نفصل فتح عن السلطة.
في النهاية أقول إن حركة فتح عملاقة، وأسسها فلسطينيون عمالقة، نحن تلاميذ لهؤلاء العملاقة، منا من نجح جزئياً ومنا من لم ينجح، وبالتالي علينا أن نعيد الهيبة والقوة والوجه المشرق لهذه الحركة، لكي نريح هؤلاء العمالقة العظام في قبورهم، بأن هناك تلاميذاً لهم كي يبقى العلم مرفوعاً.