نيويورك-الكاشف نيوز
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش التي تدافع عن حقوق الانسان إن ناشطاً سوريًا سلمياً كان يساعد اللجان المحلية على توصيل المساعدات قد توفي أثناء احتجازه في سوريا يوم 16 فبراير/شباط 2013
كما توفي محتجز ثان في المعتقل في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، حسبما قال أحد المحتجزين المفرج عنهم لعائلته مؤخراً.
وقالت هيومن رايتس ووتش في بلاغ إطلعت "إيلاف" على نسخة منه إن هذه الوفيات التي تم تناقل أخبارها تبرز ضرورة تحرك مجلس الأمن لإلزام السلطات السورية بمنح المراقبين الدوليين حق الدخول الفوري دون عوائق إلى كافة مقرات الاحتجاز.
وأكدا المنظمة وفاة عمر عزيز، 64 عاماً، يوم 16 فبراير/شباط في مستشفى حرستا العسكري، كما قال أحد أقاربه، وقدم أحد المحتجزين المفرج عنهم معلومات عن الوفاة الثانية المشتبه بها، والمتعلقة بناشط حقوق الإنسان أيهم غزول، 26 عاماً، بمقر الفرع 215 مخابرات عسكرية في كفر سوسة بدمشق في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.
وكانت قوات النظام السوري قد احتجزت كلاً من الناشطين في نوفمبر/تشرين الثاني.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تأتي وفاة عزيز، والاشتباه في وفاة غزول، كتذكير جديد بالحاجة إلى رفع ستار السرية عن السجون السورية فوراً. كم وفاة أخرى أثناء الاحتجاز يحتاجها مجلس الأمن حتى يُلزم سوريا بفتح مقرات الاحتجاز للمراقبين؟"
وأعربت هيومن رايتس ووتش عن "قلقها على سلامة نشطاء آخرين استناداً إلى أدلة تم الحصول عليها من رفاقهم المحتجزين وأقاربهم، وإلى كون قوات الأمن قد احتجزتهم في بعض الحالات بمعزل عن العالم الخارجي لشهور. ثمة مخاوف من تعرض العديد من هؤلاء المحتجزين للتعذيب".
وذكرت المنظمة أسماء عدد من المعتقلين من طرف نظام الأسد، ومن بينهم مازن درويش، رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، الذي احتجزه أيضاً فرع المخابرات الجوية في المزة في 16 فبراير/شباط 2012، وباسل خرطبيل (المعروف أيضاً باسم باسل الصفدي)، مهندس البرمجيات السوري الفلسطيني الناشط في مجال تطوير البرمجيات مفتوحة المصدر لإتاحة الإنترنت، والذي أوقفته المخابرات العسكرية في 15 مارس/آذار 2012، وخليل معتوق، محامي حقوق الإنسان البارز الذي اختُطف في 12 أكتوبر/تشرين الأول بينما كان في سيارته متجهاً إلى مكتبه، وتشير تقديرات إلى أنه في عهدة أمن الدولة في كفر سوسة بدمشق.
وقال أحد أقارب عمر عزيز: "في 16 فبراير/شباط تم نقله من سجن عدرا المركزي إلى مستشفى حرستا العسكري بضواحي دمشق، حيث توفي. كان سبب الوفاة مضاعفات قلبية نجمت عن ارتفاع ضغط الدم الذي كان عزيز يعاني منه قبل احتجازه وكان يتناول الأدوية لعلاجه".
إلا أن أحد الشهود، ممن رأوا عزيز في عدرا، قال إن حالته الصحية تدهورت على نحو ملحوظ منذ أن اعتقلته المخابرات الجوية من منزله في 20 نوفمبر/تشرين الثاني. واحتجزت المخابرات الجوية عمر عزيز بمعزل عن العالم الخارجي بمقرها في المزة بدمشق حتى 12 فبراير/شباط، عندما نقلته إلى عدرا.
وقال الشاهد إن عمر عزيز كان نحيلاً بشكل لافت، بعد أن فقد أكثر من 30 رطلاً [حوالي 14 كيلوغرام] من وزنه، وأن عزيز قال إنه تعرض أثناء احتجازه في مقر المخابرات الجوية إلى إساءة معاملة شديدة، تشمل الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي في زنزانة أبعادها 4 أمتار في 4 مع 85 شخصاً آخرين، دون مساحة كافية للنوم، وتعريضه للبرد القارس، وإطعامه طعاما هزيلاً وقليلاً، وإخباره بأن أسرته رهن الاحتجاز معه. قال عمر عزيز للشاهد إنه لم يتعرض لتعذيب بدني، وأن أحد الأطباء قام بفحصه، وكان يتلقى دواءً لعلاج ارتفاع ضغط الدم بانتظام.
وعلمت عائلة عمر عزيز بوفاته في 16 فبراير/شباط من أحد رفاقه المحتجزين معه في عدرا. وأخبرهم ذلك المحتجز بنقل عزيز إلى مستشفى حرستا العسكري في الواحدة من صباح ذلك اليوم. وقال العاملون بالمستشفى لعائلة عزيز إنه مات بعد وصوله بقليل.
وتقول هيومن رايتس ووتش إنّ الحكومة السورية لم تقم بالاتصال بأي من أفراد عائلة عزيز لإبلاغهم بوفاته أثناء الاحتجاز، بل إن بعض أقاربه زاروا مستشفى حرستا العسكري وبحثوا عنه قبل أن يؤكدوا وفاته.
والناشط عمر عزيز هو زوج وأب لثلاثة من الأبناء، كان عمره 64 سنة، وقد عاد إلى سوريا من الرياض بالمملكة العربية السعودية، حيث كان يعمل بإحدى شركات الحاسب الآلي.
قال أحد أقارب عزيز لـ"هيومن رايتس ووتش" إنه شرع، بعد بداية الانتفاضة في مارس/آذار 2011، في العمل مع مجموعة غير رسمية من النشطاء لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى ضواحي دمشق. وقد تم القبض عليه من منزله في 20 نوفمبر/تشرين الثاني على يد مسلحين من المخابرات الجوية ويرتدون ثياباً مدنية.
قال أحد السجناء المفرج عنهم مؤخراً لعائلة أيهم غزول إنه شهد وفاته بالفرع 215 مخابرات عسكرية في كفر سوسة بدمشق يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال السجين إن الوفاة نجمت عن جروح ألمّ به يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما قام بعض أعضاء الاتحاد الوطني لطلبة سوريا، وهو تكتل طلابي موالي للحكومة، باحتجازه وضربه، إضافة إلى اثنين من الشبيحة كانا ينقلانه إلى مقر الاحتجاز التابع للمخابرات العسكرية. رغم الاستعلام المتكرر من أفراد عائلة أيهم غزول، أخفقت الحكومة السورية في تقديم أية معلومات لهم عن سلامته أو مكانه.
وقامت منظمة هيومن رايتس ووتش مراراً بتوثيق انتهاكات واسعة النطاق ترتكبها قوات الأمن الحكومية السورية، وتشمل اختفاءات قسرية واستخدام التعذيب والاحتجاز التعسفي والحبس بمعزل عن العالم الخارجي، بحق المتظاهرين السلميين والنشطاء ومقدمي الإغاثة الإنسانية والأطباء، بالإضافة إلى آخرين.
وقد وثقت بوجه خاص إساءة المعاملة والتعذيب واسعي النطاق في مقر المخابرات الجوية في المزة بقيادة اللواء جميل حسن، ومدير فرع التحقيق فيه، العميد عبد السلام فجر محمود. ويرأس فرع 215 مخابرات عسكرية العميد شفيق.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة إتاحة دخول مراقبي الاحتجاز الدوليين المعترف بهم فوراً ودون عوائق إلى كافة مقرات الاحتجاز، الرسمية وغير الرسمية، دون إخطار مسبق.
ويشمل هؤلاء المراقبون مكتب المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية الأخضر الإبراهيمي، ولجنة التحقيق الأممية في سوريا.
وأكدت أنه على مكتب المبعوث الخاص المشترك ولجنة التحقيق الأممية أن يقوما بالاستعانة بخدمات مراقبي حقوق الإنسان المحترفين، المدربين على تنظيم زيارات عشوائية ومنتظمة إلى كافة مقرات الاحتجاز، بما فيها الأماكن التي يشتبه في كونها مقرات سرية للاحتجاز.
ويجب أن يتمتع هؤلاء الخبراء بالقدرات والموارد اللازمة للتعرف على الأشخاص المحتجزين تعسفياً، ومن يشتبه في تعرضهم لإساءة المعاملة، وحماية من تتم معهم المقابلات من التنكيل، وضمان سرية المقابلات وحمايتها.
وقالت سارة ليا ويتسن: "كل واقعة من وقائع الاحتجاز التعسفي في سوريا تحيط بها جملةٌ من الانتهاكات، بدءاً من عدم استعداد الحكومة لمجرد الإفصاح عن هوية من هم في عهدتها، وحتى التعذيب واسع النطاق والتقارير الصادمة عن الوفاة أثناء الاحتجاز. يجب على المجتمع الدولي، وعلى رأسه حلفاء سوريا، أن يضغط على الحكومة لوقف هذه الانتهاكات المتفشية".