أخر الأخبار
في مقابلة الملك مع «سي إن إن»
في مقابلة الملك مع «سي إن إن»
حملت مقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني الأخيرة، مع شبكة «سي إنّ إنّ»، العديد من الرسائل الهامة، والدلالات التي تشرح توجهات ومواقف، ومبادئ الأردن، وبخاصة في ضوء ما تعيشه منطقتنا من تحولاتٍ، على رأسها إعادة إنتاج اليمين المتطرف الإسرائيلي، بوجهٍ أكثر بشاعةٍ.
وفي مقابلة جلالة الملك مع الإعلامية بيكي أندرسون، حديثاً يحذر من هذه التوجهات المقبلة، ويعلي من صوت الأردن، ويوصل رسالته للعالم، محذراً مما هو مقبل، ومن اللجوء إلى أوراقٍ وأدواتٍ سيكون لها تأثير عميق، في حال مسّ الثوابت الأردنية، أو المساس بالحقوق الفلسطينية الراسخة.
فتوقيت المقابلة، جاء عشية تصويت الكنيست على حكومة نيتناهو، وذلك بالتأكيد على أن الأمور والأوضاع المقبلة، والبرنامج المتوقع من نتيناهو وحكومته سيكون محل تصدٍ أردنيٍ.
وفي مكان المقابلة، فهي جاءت من موقع المغطس، وهو الموقع الذي يحمل دلالةً تؤكد على قداسة أرض الأردن، واضطلاعه بدور حمايته وتطويره، وهو يقع ضمن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في الأردن وفلسطين.
ونوّه جلالته إلى أنّ تطوير هذا الموقع مستمر، وبما يبرز دور الأردن في تقديم أنموذج التعايش، والمحبة، كجزءٍ من ماضيه، وحاضره ومستقبله، حيث يسعى الأردن لإنشاء متحفٍ في المغطس يسلط الضوء على تاريخ المسيحية في المنطقة، وفي هذا التوجه دلالة هامة تؤكد على أصالة هذا الوجود المنتمي للمنطقة، وفي تأصيل دور الموقع ومكانته.
وجلالة الملك، استهل حديثه بالتحذير من «استغلال القدس من المتطرفين»، وفي هذا الأمر إشارة إلى جماعات «الهيكل» اليهودية التي بات خطابها يتحول في الأعوام الأخيرة، وينحرف باتجاه مفاهيم تصعيدية، وفي سبيل تحقيق مراميها، فإنها باتت تستغل القدس، ما ينذر بـ «خروج الامور عن السيطرة بسرعة كبيرة».
وكما أكّد جلالة الملك في المقابلة، على الخطوط الأردنية الحمراء بالقدس، وهي معلومة لدى الجميع، فيما يتعلق بالدور والوصاية الهاشمية، وما توفره من رعايةٍ عمرانيةٍ وإنسانيةٍ، في فلسطين المحتلة.
إنّ الرسائل الأردنية واضحة وجلية، وهي ثابتة وعابرة لأيّ توجهات جديدة، بدأت تعبر عنها متغيرات في المنطقة، وآخرها صعود اليمين المتطرف في إسرائيل، وهو يمين يرفع شعار «الاستيطان أولاً»، غير مبالٍ بالترتيبات العالقة منذ سنوات، والتي تنتظر توفير بيئةٍ إقليمية ودولية داعمة لانطلاق مفاوضات تحقق العدالة للفلسطنيين، وترسي حل الدولتين.
واليوم، تمر القضية الفلسطينية بأصعب ظروفها، نتيجة غياب شريكٍ فعال، ونتيجة استمرار الانزياح في إسرائيل نحو نزعة التطرف، ومقابل هذا لا يستطيع الأردن إلّا أنّ يتحرك للوقوف بوجه هذا المد اليميني الجديد.
وسبق وأنّ كان للأردن بقيادة جلالة الملك أدوار للتصدي للتحولات التي تمر بها القضية الفلسطينية، والتي كان آخرها طروحات صفقة القرن، والتي كانت توازي في خطرها، ما هو موجود اليوم، من صعودٍ لنتيناهو وزمرته.
واستطاع الأردن، بفضل الالتفاف الشعبي، والإيمان الأردني، بالدور الملكي، التصدي لهذه المحاولة الأخيرة، وخلق خطابٍ مضادٍ لسردية الاحتلال المتطرف، فالانحياز الهاشمي للشعوب العربية ومبادئها واضح وجلي، وهذا ما أشار إليه جلالة الملك بحديثه عن رفع العلم الفلسطيني في المونديال، ودعم الشعوب العربية، وخياراتها، ومبادئها الراسخة.
دام الأردن عزيزاً، وعوناً وسنداً، بعزم مليكه، وشعبه.