أخر الأخبار
القدس حياة وقضية
القدس حياة وقضية
بدايات عام خطيرة على مدينة القدس المحتلة، وعلى المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، بدايات تضع بها اسرائيل السلام في نعش الموت، وتُبعده عن أي أمل بأن يلتقط نفس الحياة، أو حتى نفس وداع الحياة، ويبدو واضحا دون أي مجال للشك أن حكومة نتنياهو الجديدة ستصب جامّ تطرفها على مدينة القدس وعلى الأقصى الشريف تحديدا.
في عجزنا الذي يراوح مكانه بانقاذ الأقصى، نبقى نراقب المشهد من خلف شاشات هواتفنا وشاشات المحطات التلفزيونية، بتنا نرى جرائم تصرّ اسرائيل على ارتكابها في القدس المحتلة، ترتكبها مع سبق الإصرار وسبق الترتيب والتكتيك، منتهكة قدسية الأقصى، وحق المصلين بأداء صلاتهم بأمن وسلام، ناهيك عن الاقتحامات واعتداءات من المتطرفين ومن مسؤولين في حكومة الاحتلال بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي واستفزازات متكررة، واعتقال شخصيات دينية بشكل يومي حيث تم اعتقال خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري أمس الأول، وغيرها من انتهاكات تشكّل خرقا فاضحا لكل القوانين والأعراف والحريات، والأهم قدسية المكان المقدس.
وصباح أمس، بلغ السيل الزُبى، عندما قام وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن غفير باقتحام المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف وتحت حراسة وحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، لتشكّل هذه الجريمة أداة حرب جديدة تسلّطها اسرائيل في وجه شعب لا تؤلمه الشهادة ولا يخيفه الموت ولا يأبه بالدنيا، شعب يرى الدنيا من خلال وطنه ومن خلال حماية تراب القدس والأقصى، اقتحام بنى سدّا منيعا أمام فرص السلام، وجعل من الأيام القادمة على فوّهة بركان لا يعلم أحد متى ينفجر.
الأقصى، وكما يؤكد الأردن بقيادة جلالة الملك دوما، هو المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القُدسي الشريف بمساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وإدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم القدسي الشريف وتنظيم الدخول إليه، هذه حقيقة يجب أن يدركها الاحتلال الاسرائيلي، وان يوقف جميع الإجراءات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم وفرض التقسيم الزماني والمكاني، واحترام سلطة إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك، وفي ذلك حتمية التطبيق فليس أمام اسرائيل سوى الالتزام بذلك، كونه حقيقة تجسدها القوانين والتشريعات، ويجسدها التاريخ والحاضر.
ما يحدث في الأقصى، وإصرار الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب جرائمه في باحاته دون توقّف، وانتهاك حرمته، يحتاج تحركا دوليا لا يقف عند حدّ الموقف الأردني والعربي فقط، ففلسطين اليوم تنادي، والقدس تنادي، بل وتصرخ تحتاج تحركا على مستوى العالم يضع حدا لجرائم اسرائيل التي لم ولن تتوقف، وكل ذلك ينذر بالمزيد من التصعيد «وتمثل تجاهاً خطيراً يجب على المجتمع الدولي العمل على وقفه فوراً» وفق ما أكدته وزارة الخارجية وشؤون المغتربين أمس، فنحن نتحدث عن مسجد عن قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين، يجب احترامها ومراعاة قدسيتها، فكثيرة هي تقارير حقوق الإنسان والحريات التي يُعلن عنها مع بداية العام الجديد، لكن على ما يبدو أنها تقارير تجمع معلومات عن كلّ شيء إلاّ عن حرية الأقصى وحماية حق المسلمين للصلاة في رحابه .
ما الوطن؟ ليس سؤالا تجيب عنه وتمضي، إنه حياتك وقضيتك معا، هذه فلسطين بكلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش رحمه الله، نعم، فاسرائيل تواجه شعبا يرى في وطنه حياته وقضيته، فكيف لها أن تنتصر في حرب ستحرق أخضرها ويابسها قبل أن تحرق أيّ شعب أو بلد آخر، فحجم الاستفزاز والظلم الذي تصرّ على تسليط سيفه على الشعب الفلسطيني سينال منها مهما طال الزمن، فشعب فلسطين يستحق الحياة، وفلسطين تستحق الحرية، لن يقوى على تغيير ذلك أي سلاح وأي خطط احتلالية، والقدس مدينة السلام للفلسطينيين وللأردن وللعالم، سيناضل من أجل ذلك كل فلسطيني وكل أردني.