القدس - الكاشف نيوز : نشرت صحيفة «هآرتس» العبرية، مقالًا للكاتب الإسرائيلي المختص بالشؤون العربية تسفي برئيل، تناول فيه المباحثات التي تجري حاليًا في العاصمة المصرية القاهرة، بين الوفد الفلسطيني الموحد، والوفد الإسرائيلي، لبحث وقف اطلاق نار دائم في قطاع غزة.
كما تناول أيضًا في مقاله العلاقة الوطيدة بين حكومة بنيامين نتنياهو، والسلطة الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس «أبو مازن».
وقال «برئيل» في مقالة إن الظروف لو كانت مختلفة في الوقت الحالي لاستطاعت «إسرائيل» أن تجري تفاوضًا مباشرًا مع الوفد الفلسطيني لأنه يرأسه عزام الأحمد، رجل فتح وممثل محمود عباس الذي ليس لإسرائيل أية مشكلة في أن تنسق الهدنة معه، وكان ممثلو حماس والجهاد الإسلامي يستطيعون الانضمام إلى الاجتماعات المشتركة كما انضم وفد "م ت ف " بالضبط إلى الوفد الأردني في مؤتمر مدريد في سنة 1991 وفي المحادثات في واشنطن بعد ذلك.
وتابع: «لو كانت الظروف مختلفة لاستطاعت إسرائيل أن تقرر أن محادِثتها هي الحكومة الفلسطينية الموحدة التي تمثل مواقف حماس وسائر المنظمات التي وقعت على اتفاق المصالحة الفلسطينية لكن إصرار إسرائيل على أن ترى الحكومة الفلسطينية "كيانا ارهابيا" أو "حكومة حماسية" على الأقل سجنها، وليست هذه أول مرة، في تفاوض مع حماس والجهاد الإسلامي خاصة مع دفع عباس الى موقع متفرج لا حق له في التوقيع على اتفاق إذا تم إحرازه" والنتيجة هي أن صورة إدارة التفاوض ونتائجه وإن لم تحرز حماس وشريكاتها كل مطلوبها، تعزز مكانة حماس بصفتها ربة البيت في غزة، وقد تُخلد كون القطاع أرضا منفصلة عن الضفة" وهذه في الحقيقة هي الإستراتيجية التي التزمت بها إسرائيل في ثماني سنوات حكم حماس لغزة، كي تستطيع أن تزعم أن عباس لا يمثل جزئي فلسطين، وأن كل اتفاق معه لذلك سيبقي التهديد الأمني على حاله" والمفارقة المنطقية هي أن هذه الإستراتيجية سببت ثلاث جولات قتال في غزة وعشرات المواجهات العسكرية وقعت بينها".
وأوضح: «ينبع من هنا أيضا الإصرار الإسرائيلي على النظر إلى التفاوض الذي يجري الآن في غزة أنه تفاوض مع حماس لا مع منتدبة فلسطينية موحدة" ولذلك حينما تعرض حماس مطالب جوهرية مثل فتح المعابر وتجديد الصلة البرية بين الضفة والقطاع وتعمير القطاع وإنشاء ميناء، تعاملها إسرائيل على أنها مطالب لحماس لا مطالب فلسطينية مناسبة تؤيدها دول كثيرة في العالم منها مصر أيضا" والنتيجة هي أن هذه المطالب يشتمل عليها ميزان الربح والخسارة لعملية "الجرف الصامد” بحيث تُرى كل استجابة لواحدة منها خسارة لإسرائيل ونصرا لحماس" وهذا هو القطب الذي تدور عليه الآن المحادثات في القاهرة" تطمح إسرائيل إلى عرض انتصار برفض مطالب حماس في حين أن الهدف المصري هو إحراز هدنة بأدنى ثمن تدفعه مصر، أما السلطة الفلسطينية فتعتبر كيانا غير موجود كل عملها إجرائي».
وقال إن تعليق المحادثات بالهدنة ومطالب إسرائيل في مجال الرقابة على إدخال مواد البناء والمال لتعمير غزة، والمعارضة المبدئية لإنشاء ميناء وطلب نزع سلاح القطاع، عرّفتها مصر بأنها "مواضيع تتعلق باتفاق سلام لا باتفاق هدنة”" ووجهت مصر كلامها الى حماس لأن مصر كإسرائيل أيضا تسعى إلى اتفاق مرحلي عملي فوري مع منظمة لا مع السلطة الفلسطينية" وإن موافقتها أيضا على فتح معبر رفح بشرط أن يوضع فيه رجال الحكومة الفلسطينية هي جزء من ذلك الشأن" فهي ترمي إلى تصغير انجازات حماس ومنعها من أن تفرض عليها شروطا لا تريدها قد تُضعف من احتكارها الأمور في الممر إلى سيناء ومنه الى العالم كله، وأن تُبقي غزة منطقة مراقَبة محروسة مفصولة عن الضفة" وليس صدفة أن تتقاطع مصالح مصر وإسرائيل لأنهما تنظران إلى حماس نظرة متشابهة" لكن مصر بخلاف إسرائيل ترى الحكومة الفلسطينية الموحدة جسما ذا مسؤولية هي مستعدة أن تعتمد عليه في السيطرة على المعبر وإدارة تعمير غزة".
وأضاف أن مصر في مقابلة إسرائيل كسبت من المعركة" فقد كانت أول من وضعت على الطاولة اقتراحا محددا، وقد أبعدت قطر وتركيا وستُدخل السعودية إلى اللعبة، وهي تملك نصيبا كبيرا من مستقبل غزة" ولا يجب على مصر أن تحصي نقاط الربح والخسارة لأنها لن تكون الجهة التي يوجه إليها النقد حتى لو فشلت المفاوضات مع إسرائيل" وهي تستطيع في كل لحظة تشاء أن تفتح معبر رفح وتنفس غضب غزة أو أن تستمر على سياستها، وليست مصر هي التي ستواجه الضغط الدولي لأن فتح معبر رفح مادة واحدة فقط في قائمة مطالب حماس، في حين أن سائر المطالب ولا سيما رفع الحصار، من مسؤولية إسرائيل".
سيستمر التفاوض بحسب التقدير أياما إن لم يكن أكثر" وهذه مدة حرجة ما زال يمكن استغلالها لتعظيم دور محمود عباس" ويمكن أن يكون المثال على ذلك طلب إسرائيل أن يوقع عباس لا خالد مشعل على الاتفاق في الجانب الفلسطيني وأن يكون ضمان تنفيذه فلسطينيا قبل كل شيء قبل إشراك جهات دولية أو عربية أخرى" ونقول بالمناسبة إنه ليس من الواضح تماما هل تريد مصر أن توقع على اتفاق يلزمها أن تضمن سلوك حماس".
وأختتم مقاله بقوله: «لكنه كما يبدو إجراء التفاوض الآن يُشك كثيرا في أن تغير إسرائيل سياستها وتوافق على منح عباس دورا حقيقيا في المسؤولية عن الاتفاق" فأحسن لها كما يبدو أن توقع على اتفاق مع حماس لا يلزمها بتنازلات سياسية وإستراتيجية كي لا تضطر إلى أن تعترف بأن عباس زعيم وشريك».