أخر الأخبار
السعودية وُجهة حَل وتوازنات دولية
السعودية وُجهة حَل وتوازنات دولية
خرجت السعودية من دائرة المسمى والتأثير المحلي والإقليمي والدولي الى التأثير العالمي المباشر
ودخلت بقوه دائرة مجموعة ( G20 ) دول العشرين الكبرى متصدرة المجموعة بأفضل اداء اقتصادي للعام ٢٠٢٢ وعلى الرغم من كونها المصدر الاول للنفط عالمياً إلا انها تبنت سياسة تنوع الدخل إضافةً إلى الدخل المتأتي من النفط في خطتها التي تعتبر ثورة في علم التخطيط الاستراتيجي إن على المستوى البعيد او المتوسط او القريب الأجل والتي حملت اسم رؤية ٢٠٣٠ والتي ادخلت السعودية دائرة الأرقام القياسية العالمية من حيث حجم المشاريع والبنى التحتية التي يتم تنفيذها والتي قَطَعَ جزءا كبيرا منها مراحل متقدمة من التنفيذ ، والحديث عن مشاريع تريلونيه تتصدرها مشاريع البحر الاحمر ونيوم ومشاريع جده والمدينة المنورة ناهيك عن الدرعية في الرياض وهذه المشاريع لا ابالغ اذا قلت انها تعادل في كلفتها وحجمها المالي كل مشاريع العالم على هذه الارض في وقتنا الحالي ،
لقد تبنت المملكة مبادرة لا تستطيع الدول العظمى ولا الكبرى تبنيها في هذه الظروف العالمية وهي ما يعرف بالسعوديه الخضراء ونعلم جميعا ان كثيراً من دول العالم لا تستطيع ان تتبنى فكرة مشاريع تشجير شوارع رئيسية لجعلها خضراء في قلب عواصمها في الوقت الذي بدأت فيه المملكة بتنفيذ هذه المبادرة التي تشتمل على تهيئة واستصلاح ملايين من الهكتارات من الأراضي وزراعة مليارات من الاشجار المتنوعه بما في ذلك زيادة مساحات المحميات وحماية البيئة البحرية والبيئات الطبيعية المتنوعه على امتداد اراضي المملكة ، بل وذهبت الى ابعد من ذلك فطرحت مبادرة الشرق الأوسط الأخضر .
لن تاخذني العاطفة العربيه او الحميِّة الجاهلية لاقول ان السعوديه اليوم صاحبة القرار المستقل فيما يتعلق بسياستها الخارجية دون الاخذ بعين الاعتبار المناخ والمزاج العالمي المُتداخل فهذا ضرب من الخيال وخروج عن منطق السياسة بل التخلي عن الحكمة والقدرة على مجاراة الحدث العالمي المتقلب والمختلف وهذا ما تدركه القيادة لما تتمتع به من الحنكة السياسية المعهودة التي يقودها سمو الامير بحكمة واقتدار ، فامريكا صاحبة السيادة العالمية لا تقدم على عمل مؤثر منفرده وانما دوما تعمل على خلق تحالفات عندما تريد ان تفعل امراً ما كما حصل في العراق ويحصل الان في اوكرانيا وربما نرى بعد ايام صياغة لتحالفٍ تقوده للتعامل مع الاحداث ( المُفتَعَلَةِ والمُدَبَّره ) في السودان .
هذه الرؤية التي اعتمدت فكراً ومنهجاً صلباً قابلاً للتطبيق والقياس والتي ابتدأ تنفيذها داخلياً وأتت أُكلها في زمن قياسي قد مهدت الطريق ومكنت السعودية وجعلتها قادرة على فرض ارادتها واختيار شركاءها والدخول في تحالفات دولية عميقة مؤثرة بما يحقق مصالحها الداخلية والخارجية ،
تعلم السعوديه حُكماً الحالة الايرانية وتعلم يقيناً تحركها في المنطقة سواء كانت قد حُمِلَت على الاكُف ووضِعَت في اماكن لم تكن لتصل اليها من تلقاء نفسها او إن كان تحركها ذاتياً فإن خطوة المملكة الاستراتيجية في علاقتها معها في هذا الوقت بالذات هو اتجاه معاكس لاتجاه دولي وإقليمي وعالمي مُعلَن في وقت بالغ الأهمية وذلك من اجل مصلحة المملكة العليا دون التفاتة او مجاملة لأحد .
لم يصدر بلاغاً سعودياً رسمياً معلناً عن تغيُّرٍ جذريّ في النظام العالمي أُحادي القطبية ، بل جاء اعلاناً عملياً قامت به الصين التي تتجه الانظار نحوها كدولة عظمى تَحَرُّكها في المسرح العالمي العلني ليس معهوداً ولا مشهوداً كما يظهر بصورة كبيرة اليوم ، جاءت مُمَثلَةً برئيسها المحترم الى المملكة لتوقع اتفاقيات وعقود غير مسبوقة ومعلنه ، وكانت قد سبقت هذه الزيارة التاريخية للمملكة زيارة غير عادية للرئيس الامريكي بايدن لتكون هاتين الزيارتين تأكيداً لا يقبل المساومة ولا يقبل التحايل في التحليل على ان المملكة اصبحت وجهة لأعظم قوى على هذه الارض.
لم يأت هذا من فراغ فالسعودية دولة منتجة للنفط وصاحبة الرقم الانتاجي العالمي الاعلى تاريخياً وهي تحظى بمكانة عربية واسلامية وعالمية مرموقة ومحترمة ومُهابةٍ تاريخية ايضا ،
ما يحدث في المملكة على وجه الخصوص من نهضة متسارعة في كافة المجالات جاءت نتيجة سياسة داخلية محضة ولدت على يد امير عربي شاب وارِثٍ للزعامة السياسية حاملاً إرثا ملكياً متزناً كابرا عن كابر في ظل ملك يملك من الحكمة والرزانة ما يؤكد على تاريخ هذه الملكية الوازنة عبر تاريخ المملكة منذ تاسيسها .
ازمة العالم اليوم اقتصاديه بالدرجة الاولى وثلاثة محاور رئيسية من اصل المكون الاقتصادي العالمي للسعودية دوراً محورياً فيه ، فالطاقة وهي المحرك وعمود ومحور الاقتصاد والذي تملك زِمامَه وأي قرار يصدر عنها زيادة او نقصاً في الإنتاج له اثره المباشر على اسعار السلع وبالتالي له اثره المباشر على عملية التضخم في ارجاء العالم بلا استثناء ، وليس من قبيل المبالغة اذا قلنا وبناءً على الوضع الراهن للدولار الذي يمر بأصعب الظروف منذ اعتماده وهيمنته على النظام النقدي العالمي ان مصيره اليوم معلق ومرهون بقرار من المملكة مع الصين وثالثهما روسيا بالإعلان رسميا عن الاستمرار باعتماده كعملة رسمية ووحيدة في عملية بيع النفط او الغاء هذا الاعتماد ، والكلام عن الدولار ،
وثالثها صندوق الاستثمار السيادي السعودي في امريكا واوروبا والعالم بحجم اصول يقترب من التريليون دولار .
دولة لديها كل هذه الامكانات والمقدرات تعمل بصمت وتتقدم بخطى ثابتة نحو مستقبل ريادي عالمي نتاج ذلك جعلها وُجهةً عالمية كدولة قادرة على ايجاد الحلول ومعالجتها ورأينا ذلك عملياً عندما جاء رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بزيارة عاجلة جداً وعلى جناح السرعة الى الرياض على اثر اندلاع الحرب الروسية الاوكرانية ، ثم توالت الزيارات للملكة من معظم الدول سواء القريبة من الاحداث او البعيدة التي تخشى وصول الضرر اليها ولو بطريقة غير مباشرة
وفي ظل هذه الظروف المتدحرجة والاجواء المليئة بما لايمكن توقعه فإن المملكة ستكون حاضرة في المشهد العالمي كدولة انقاذ ودولة حل إن على المستوى السياسي او المستوى الاجتماعي والاقتصادي العالمي الذي سيكون للمملكة فيها القول الفصل فيما يخص مصلحتها بالدرجة الأولى ومن المؤكد وبما لا يقبل الشك لن تكون المصلحة العربية بعمومها غائبة او بعيدة عنها .
كل هذه الإمكانات الضخمة والموارد الكبيرة وهذه المكانة العالمية التي لا يمكن تجاوزها في المسرح والمشهد العالمي الحالي والمستقبلي ما كانت لتكون إلا بتوفيق من الله ثم بقيادة حكيمة جريئة حازمة قادرة على اتخاذ قرارات بحجم المملكة وبحجم مقدراتها وبمستوى يليق بشعبها ومكانتها العربية الإسلامية وبحجم تطلعات العرب لها من المحيط الى الخليج يحمل لواءها أميرٌ شاب"سمو ولي عهدها" يصدق فيه ما قاله الشاعر يوماً :
إقدامُ عمرٍو ، في ذكاءِ إياسِ ،،وانا اقول ،،
وفي صدر هذا الامير قلبُ أسد .