أخر الأخبار
عبثية نتنياهو وزمرته
عبثية نتنياهو وزمرته
بات واضحاً أنّ هذه الحكومة الإسرائيلية التي يقودها نتنياهو كلما ذهبت في ورطةٍ خلقت ورطة أخرى، عبر إعادة إنتاج تطرفها، والذي يعبر عنه آخر خطواتها، بإقدام وزيرها المتطرف بن غفير على اقتحام الأقصى، واجتماعها في أنفاق المسجد الأقصى قرب حائط البراق.
قبل أيامٍ من هذه الخطوات المتطرفة، رشح حديث عن خلافات بين رؤوس هذه الحكومة، بشأن توزيع أموال الموازنة العامة، إذ أراد وزراء متطرفون فيها زيادة موازنة "الحريديم"، عبر المطالبة بحصةٍ أكبر لهذا الجمهور، ومعاهده الدينية، ما يعني أنّ تنزاح إسرائيل أكثر إلى تطرفٍ يهوديٍ، وتعيد إنتاج وجهها هذه المرة بشكلٍ ينتمي إلى تطرفٍ دينيٍ، على خلاف ما كانت سابقاً، حيث تطرفها القومي.
ويبدو أن نتيناهو يريد مجاراة هذا التيار الحريدي المتطرف، من خلال تجنب الأزمات أو القفز عنها، داخل ائتلافه الحكومي، بإرخاء الحبل أكثر، لهذا التطرف، وهذا ما شاهدنا حين أطل بوجهه "البشع" بن غفير وهو يقتحم ساحات المسجد الأقصى.
وقد سبق هذا المشهد ما سمي بمسيرة الأعلام التي تعبر عن "تطرف" وحقد وبأعداد غير مسبوقة.. هذا المشهد، قدّم له نتيناهو بذهابه إلى أكثر من ذلك بالدعوة إلى اجتماعٍ حكوميٍ في أحد أنفاق المسجد الأقصى، والمصادقة على قرارات من شأنها زيادة مساحات الاستيطان، وتخصيص المزيد من الأموال للحفريات أسفل المسجد الأقصى، دون مراعاة لأيّ شيء سوى إرضاء التيارات المتطرفة بحكومته، ومن وراءها الاحزاب المكونة لها، والجمهور المتطرف الذي أصبحت مساحاته آخذة بالاتساع داخل إسرائيل نفسها.
وليس الموضوع مرتبط بأزمات حكومة نتنياهو وما جمعه من رؤوس متناقضةٍ فيها، تجنباً لما يواجهه من قضايا فساد، بل هو يريد القفز عن المعارضة التي تنزل إلى الشارع منذ أسابيع ضده، وضد ائتلافه الحكومي، فيعمل على شحن هذه "الصواعق" من منطلق "الغاية تبرر الوسيلة" وغايته البقاء في السلطة.
إننا اليوم أمام مشهدٍ يميني غير مسبوقٍ في إسرائيل، لا يريد سلاماً ولا يريد أيّ مقاربات تضمن على الأقل الإبقاء على حالة الهدوء، وبات يستغل كل ممكن في سبيل تمكين "نزعات" كانت إلى عهدٍ قريب أقل وطأة داخل هذا الكيان.
ويستغل نتيناهو الانشغال الدولي بحرب أوكرانيا، وبات يرى أن الإقليم بدأ بالابتعاد عنه، لإدراك الكثير من الدول فيه أنّ نتيناهو وحكومته، وهي التعبير الدقيق عن التطرف، يريد القفز عن كل الثوابت والمبادئ التاريخية والحاضرة، ولا يراعي شيء في سبيل البقاء في السلطة.
أمام هذه الحالة قد يرى البعض أن المطلوب زيادة الضغط والحديث بنبرة مختلفة، فالانتهاكات في الأقصى تتزايد، وهناك حكومة لا تريد لا مقاربات ولا صوت يعلو عندها إلا صوت التطرف، واستجرار تاريخٍ مشوه مشحون بالحقد والكراهية.
فالمطلوب اليوم، أن يفهم العالم، وقواه الدولية، ورغم انشغالها، أنّ بقاء هذه المشهد، بهذا الشكل لا ينذر بالتفجير وحسب، بل من الممكن أن يأخذ المنطقة إلى نقطة اللاعودة، وعلى هذه القوى أن تلجم نتنياهو وحكومته، ونزعات التطرف المتنامية فيها، وواهم من يظن أنّ دول وشعوب المنطقة ستبقى ترى في هذه الانتهاكات يوميات، وأن تعتاد عليها.. وهذا ما أثبته التاريخ، ويثبته الحاضر، فالقدس وجدان قبل أن تكون عنوان لكل عربيٍ ومسلم، ومنتمٍ حقيقي لهذه المنطقة يفهم تاريخها، وتاريخ العيش والحياة فيها.