مع كل الاحترام لمذكرة السادة النواب بدعوة الحكومة «لعدم الاشتراك مع أي طرف يريد أن يزج الاردن بأي جهد للقضاء على داعش» فإن الكلام يشبه موافقة الولد وأمه وأبيه على الزواج ببنت السلطان. فلا أحد «يزج» الاردن في اي جهد لا يريد أن يقاربه. وللتذكير فقط فإن داعش تقتل, وتجز الرؤوس لتحكم العراق وبلاد الشام, ونحن من بلاد الشام!
ومع كل الاحترام لحرص السادة النواب الموقعين على الاردن, فإن جهد جلالة الملك في مؤتمر لمقاومة الارهاب هو جزء من سياسة الاردن, وحضوره ليس خياراً أو يصح فيه «النأي بالنفس» على الطريقة اللبنانية, لأن الاردن هو المدعو.. وليس العراق أو سوريا أو لبنان, ومن فطن السياسة ان تكون على «اطلاع» لما يخطط للمنطقة, وان تتعرف على التفاصيل, فلا يقرر الاخرون مصيرك ومصير شعبك!
في زمن ما, لم نكن ضد القاعدة حين كانت القاعدة ترتع في المال العربي والاميركي. ولكن ذلك لم يشفع لنا حين قررت تهديم فنادقنا على رؤوسنا. وأي علاقة, مهما كانت جدلية, مع داعش فإنها لن تكون افضل. واذا كانت تنشط الان في سوريا والعراق وعلى اطراف لبنان, فليس ذلك لأنها وضعت الاردن جانباً وانما لأن دور الاردن لم يحن بعد. ولذلك فإن الاردن لن ينتظر وصول احد الى حدوده, لأن معركة الدفاع هي الهجوم ذلك ان سوريا والعراق هما بلدنا مثلما ان الاردن بلدنا. ويحق لنا, باسم العروبة التي نكاد ننساها, أن نمد يدنا الى البلدين الجارين بالعون فالمصلحة واحدة والمصير واحد!
لقد اتخذنا طيلة السنوات الثلاث الماضية سياسة رفض الحلول الامنية والعسكرية لمشكل الارهاب في البلدين.. وكنا مع الحلول السياسية. حرصاً منا على اهلنا في البلدين.. وليس حرصاً منّا على داعش والنصرة. لكن الاوضاع المأساوية الان أخذت بعداً مختلفاً, مما جعلنا نغيّر مواقع المشاهد الى مواقع المتحسب, المراقب عن قرب. ذلك أن الارهاب, هو حصيلة جرائم القوى الكبرى والاقليمية في المنطقة, واذا كانت الجرائم ارتدت على هذه القوى.. فإن الحصافة السياسية تجعل من المفروض على قيادتنا الحصيفة أن لا تكون في موقع المراقب من بعيد!
وهذا الاحترام الذي أخذنا به على مذكرة نوابنا, لا ينطبق ابداً على تنسيقية المعارضة التي تساوم على التصدي للارهاب «بالاصلاح» على طريقتها.. الفساد والفقر والبطالة, وكأن الناس الذين هم على شاكلتها في سوريا أو في العراق قد انهوا هذا الثلاثي. فلا فساد هناك أو فقر أو بطالة. ولذلك فهم المؤهلون لمحاربة الارهاب!
.. كلام! كلام! كلام !