مرت الذكرى الثانية والثلاثون لمذبحة صبرا وشاتيلا التي جرت ابان الاحتلال الاسرائيلي للعاصمة اللبنانية بيروت في ايلول من عام 1982 حيث اقدمت قوات انعزالية لبنانية بحماية اسرائيلية وعلى مدار ثلاثة ايام بلياليها بقتل اكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني بعد ايام من انسحاب قوات منظمة التحرير الفلسطينية بحماية دولية وعبر البحر الى عدد من الدول العربية.
ومع ان مذبحة صبرا وشاتيلا (واحدة من 124 مذبحة حتى الآن) لم تكن الاولى والاخيرة التي قامت او ستقوم بها اسرائيل للشعب الفلسطيني الا انها تركت جروحاً غائرة وكبيرة لم ولن تندمل والى الابد.
لقد زرت هذا المخيم عام 1994 بعد اثني عشر عاماً من المذبحة اثناء وجودي في بيروت في مهمة صحفية ل(الرأي) الحبيبة.. فوجدت الدماء للشهداء ما زالت على جدران المنازل وحيطان الازقة، كما وجدت اهله يحتفظون بصور شهدائهم وهم في الغالب اطفال ونساء وشيوخ.واجزم، انني لو زرت صبرا وشاتيلا في هذه الايام وبعد خمس وعشرين عاما من المذبحة الكبيرة والشنيعة لوجدت نفس الاحزان والآلام على وجوه الناس ورغبتهم في الانتقام.حقاً..
ان اسرائيل تسعى الآن الى نسيان وتناسي ما اقترفته يداها في هذا المخيم والمتتبع لصحفها ووسائل اعلامها لا يجد أي ذكر لهذه المذبحة، وان سئلت اسرائيل عنها فانها تبعد مسؤولية الجيش الاسرائيلي عنها وتُلصق هذه المسؤولية لجهات أخرى لبنانية.وهل ينسى العالم هذه المذبحة وهي قد شدت الجميع في تلك الايام فقد كانت صور شهدائها تتصدر غلاف مجلة التايم الاميركية المعروفة والعديد من اغلفة الصحف العالمية.ذات يوم قال مناحيم بيغن رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق والذي وقعت مذبحة صبرا وشاتيلا في عهده: الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت ومعنى كلامه، ان القبر هو الملاذ الأخير والوحيد للفلسطيني، والقبر قد يكون زقاقاً في مخيم او عملا تافها او دولة فلسطينية تشبه الى حد كبير جيب الكانغارو تحيط بها اسرائيل من الجهات الأربع، وهذا لن يكون ابدا فما ضاع حق ووراؤه مطالب..وبشر الصابرين..!