أخر الأخبار
واقُرآناه
واقُرآناه
المصحف القرآن الفرقان الذِكرُ الكتاب واحدٌ بثلاثين جُزءً و مائة و أربع عشرة سُوَرةً. نزلَ من العرشِ لينيرَ فؤادَ و عقلَ أشرفِ الخلقِ يحملهُ سيدُ الملائكةِ كلمةً من الله لعباده من إنسٍ و جِنٍّ.  مهما أردنا أن نستوعبَ هذه التراتبيةِ فلن نستطيع.  إنها أكبرَ من مخيلتنا و عقولنا و نحنُ أعْجَزَ عن فهمها إلاّٰ بالتقديرِ المُبَسَّطِ لعظَمَةٍ لا نستطيعُ تصورها.
هل يُضيرَ هذا الكتابَ في هذه الدنيا شيئٌ؟ أُؤمنُ أنهُ لا يُضارَ.  لكنهُ كتابنا و نحنُ من يُضارَ عندما تعتدي عليهِ السفاهات.  هو لا يستطيعَ أن يدفعهم عنه فهو ورقٌ أو رَقٌ و أحبار حياتها ليست في المادة بل فيما تبنيهِ في الروح و النفس و الأفعال.  و هو لذلك ضحيةً بذاتِ ذاتهِ المادية و عالياً لا يُمَسَّ بذاتِ كلمتهِ الروحية.  قد تحرقهُ نارٌ و تُغرقهٌ أمواجٌ و تفتتهُ أيادٍ و كائناتٍ و لا تنالهُ في ذاتِ ذاتهِ الروحية من مثلبةٍ أو سوء.  عالياً و سامياً و محفوظاً بذاتهِ، فانياً بورقهِ و أحبارهِ بذاتِ مادتهِ.
لم يسُؤهُ مطلقاً منذ نزلَ شيئٌ أرادهُ شيطانُ إنسٍ و جِنْ بل أنهُ عبرَ من الرقِّ لما نراهُ اليوم من كيانٍ مطبوعٍ و مرئيٍّ و مسموعٍ بألسنةِ المتكلمين في هذا العالم، يتلونهُ على مدار الدقائقِ في كل خطٍّ زمني.  و لن يسوؤهُ سفاهةٌ من شرقٍ و غربٍ.  لكن التجرؤَ عليهِ يجب أن يتوقفَ لأن عدم توقفهِ هو الإشارةَ الواضحة أننا لسنا خيرَ أمةٍّ.
السؤال هو عمّا إن في المسلمين قوةَ وقفِ الاعتداء السفيه على القرآن.  وهو سؤالٌ نعرفُ إجابتهُ. وهو سُؤْلٌ ثقيلٌ على القلوب و الأكتاف. فلا السائلُ ولا المسؤولُ بقادريْنِ.  حِمْلَ الدفاعِ عن القرآن بعيدٌ عن التناول لمثل هذه الأمة التي تقول و لا تفعل و تفعل ما لا تقول.  أمةٌ رَدَّ فعليةٍّ تتناولُ أموراً في قلبِ وجودها بتصرفاتٍ جزئيةٍ لا تتناسب و سبب وجودها.  إن سببَ وجودها هو القرآن. أن تصدر الأمةُ بيناً و تسحب سفيراً و تقاطع منتجاً و تجتاح سفارةً هي رداتُ فعلٍ غاضبة لا تتناسبُ مطلقاً و الحدث.  و لا أقولُ أن المطلوب هو الحرب فهي ردة فعل كذلك.  المطلوب هو العودة لأصلِ الخللِ الجاثم في صدورنا و المسيطر على عقولنا الذي صَيَّرنا أمةً منحتْ ذاتها لغيرها و اللهُ لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم. ما بنا هو الضعف المرئي الظاهر للحثالة التي تعلم أن ملايين فقراء المسلمين لن تدافع عن دينها وقرآنها بالفقر و لا سيقوم بذلك الملايين الثرية من المسلمين، و لا الحكومات الظالمة المستبيحةَ للحقوق و الناشرةَ للفواحش و الراضيةَ بالاستكانة لاغتصابِ الأرض و العرض.
سيحرقون القرآن تباعاً و سننسى.  لا هم سيتوقفون و لا نحن سنتغير.  الأكثرَ ألَماً أن نُهَلِّلَ لأجنبيٍّ لاحترامهِ القرآن و نعتبرَ هذا نصراً.  فِعْلٌ إيجابي يقابل الفعل الفاحش حتى يتعادل فينا إذاكَ الألم و البهجة، و نعود لننسى مبتهجين أن أحداً يحترمنا.