لا تنفك إسرائيل عن محاولاتها على كل الصعد لتصفية القضية الفلسطينية من خلال مشاريع تطرحها، وتسعى إلى تنفيذها. فعشرات المشاريع التصفوية طرحت، ولكنها فشلت تحت إصرار الشعب الفلسطيني على البقاء في أرضه، والتمسك بقضيته. ولا يعني فشل هذه المشاريع الإسرائيلية، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي توقفت عن تنفيذها، بل إنها تقوم دائما بخطوات وإجراءات على الأرض لتحقيقها، وهي تعتقد أن الوقت لصالحها، وأن الظروف الحالية والمستقبلية ستخدمها، لتحقيق مشاريعها التصفوية. وفي الطريق، تسعى إسرائيل ومن خلال ماكينتها الإعلامية إلى تشويه القضية الفلسطينية، وتفريغها من جوهرها، من أنها قضية شعب سلبت أرضه، ويسعى إلى تحريرها، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، إلى مشكلة مجموعة بشرية غير مرتبطة بأرضها ووطنها، وتسعى إلى مصالحها فقط، وتقبل بأي تعويض عن تحقيق هدفها، على أساس أن هذا التعويض يحقق لها مصالحها الشخصية، أو يحقق مصالح قياداتها. فسلطات الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلال وسائل إعلامها المتنوعة، تحاول دائما الترويج لمشاريعها التصفوية، والإساءة للشعب الفلسطيني، وتشويه نضاله وصموده وتشبثه بأرضه. وآخر هذه المشاريع ما تناقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية عن عرض قدمه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، بتوسيع مساحة قطاع غزة خمس مرات داخل سيناء، وإقامة دولة فلسطينية عليها، تقع تحت السيطرة التامة للسلطة الفلسطينية. ويعود اللاجئون الفلسطينيون إلى هذه المنطقة وتكون منطقة منزوعة السلاح. أما الضفة الغربية، فإن مدنها الكبيرة، وفقا للمشروع الإسرائيلي الجديد والذي نسب من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى الرئيس المصري السيسي (وزارة الخارجية المصرية نفت صحة هذا العرض)، ستحكم ذاتيا، وتدير الحياة فيها السلطة الفلسطينية، على أن تتوقف "السلطة" بعد ذلك عن المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة في العام 1967. وبحسب المشروع الجديد، فإن القضية الفلسطينية تنتهي، وتصبح هناك دولة فلسطينية في قطاع غزة وسيناء. إن المشاريع الإسرائيلية المتعددة تسعى إلى تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، فالشعب الفلسطيني صمد وقاتل وناضل ودفع التضحيات والتضحيات من أجل العودة إلى وطنه، واقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال كليا، وليس الحصول على تعويض في أرض أخرى، مهما كانت هذه الأرض عزيزة ومهمة. فالفلسطينيون لا يناضلون من أجل الحصول على وطن بديل، وإنما يناضلون من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم. سيفشل هذا المشروع كغيره، ولن يستطيع هذا المشروع تشويه القضية الفلسطينية، أو تفريغها من مضمونها. فالقضية ستبقى مادام هناك احتلال إسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.