بيروت-الكاشف نيوز-وكالات
تسبب النزاع المستمر في سوريا منذ آذار (مارس) 2011 بسبعين ألف قتيل ومليون نازح. وبعد نحو عامين، يبدو أن الأزمة لا تزال عصية على كل محاولات الحل السياسي.
وعلى الارض التي يتقاسم السيطرة عليها جيش مرتبط ارتباطًا عضويًا بالنظام، ومجموعات مسلحة معارضة، تسبب النزاع بملايين النازحين والمتضررين وعشرات آلاف المفقودين والمعتقلين. واعتبرت الامم المتحدة اخيرًا أن سوريا دخلت مرحلة "الكارثة المطلقة".
الأسد.. العائق الأساسي
ويقول استاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس-سود خطار ابو دياب لوكالة الأنباء الفرنسية: "في سوريا، الاهتراء هو العنوان الآن، أي المزيد من التدمير والتفتيت، ولا ارى افقًا جدياً غير ذلك". في النفق المظلم، بدا قبل اسابيع أن كوة يمكن أن تفتح بعد اعلان كل من دمشق والمعارضة استعدادهما للتحاور، واعتبار كل من واشنطن وموسكو أن لا حل الا بالتفاوض.
لكن تبين سريعًا أن حوارًا كهذا يصطدم بعائق اساسي: هل يجري في ظل بقاء الاسد على رأس السلطة كما يريد النظام وحلفاؤه؟ أم يكون حوارًا على رحيل الاسد واركان النظام، كما تطالب المعارضة؟ وكرر الاسد في مقابلة اخيرًا مع اسبوعية "صنداي تايمز" البريطانية، أنه لن يتنحى عن السلطة، في موقف يلقى دعم حليفتيه البارزتين موسكو وطهران.
فقد اكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة أن بلاده لا تنوي "اطلاقًا" أن تطلب من الاسد الرحيل، وذلك بعد اسبوع من اعلان نظيره الايراني علي اكبر صالحي أن الاسد "سيشارك" في الانتخابات الرئاسية المقررة بعد نهاية ولايته في العام 2014.
وجاءت هذه المواقف في خضم تساؤلات حول مصير مبادرة تقدّم بها رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب في نهاية كانون الثاني/يناير، ابدى فيها استعداده المشروط للتفاوض مع ممثلين عن النظام.
واعتبر هذا الموقف تطورًا كبيرًا في موقف المعارضة التي كانت ترفض الحديث عن أي حل أو مرحلة انتقالية دون تنحي الاسد الذي اطلق في السادس من كانون الثاني/يناير "مبادرة حل سياسي" تتضمن الدعوة الى عقد مؤتمر وطني. ويرى ابو دياب أن "كل حوار، إن حصل، سيكون لعبًا في الوقت الضائع".
الأميركيون يخشون ما بعد الأسد
ويقول الباحث نديم شحادة من مركز "شاتام هاوس" في لندن، إنه "كلما امتنعت الادارة الاميركية عن التدخل في سوريا- وهي لا تريد التدخل - كلما شعر الاسد بالاطمئنان"، مضيفًا أن "الاميركيين يخشون ما سيحصل بعد الاسد اكثر من الاسد نفسه".
ولعل هذا ما يبرر احجام الاميركيين ومعهم الغربيون حتى الآن عن تقديم سلاح نوعي للمعارضة التي تشعر أنها لا تلقى الدعم الكافي من حلفائها. كما يخشى الغربيون وقوع السلاح في ايدي الاسلاميين المتطرفين.
نظرية المؤامرة
مع ذلك، لم يغيّر النظام السوري في الخطاب الذي انتهجه منذ عامين: نظرية المؤامرة الخارجية واستهداف سوريا والتأكيد أن كل حل يبدأ من وقف دعم "الارهابيين" بالسلاح والمال.
ربيع سوريا
في منتصف آذار (مارس) 2011، لفحت ريح "الربيع العربي" الآتية من تونس واليمن وليبيا ومصر، السوريين، فخرج فتيان صغار في درعا في جنوب البلاد، وخربشوا على أحد جدران المدينة شعار "الشعب يريد اسقاط النظام".
رد النظام بعنف... سيق الفتيان الى السجن حيث تعرضوا لأبشع انواع الضرب والتنكيل. من درعا، عم الغضب مناطق عديدة، وخرج المتظاهرون بالآلاف يصرخون "حرية"، ليسقط الى غير رجعة، "جدار الخوف" الذي بناه نظام حزب البعث على مدى خمسين عامًا.
على مدى اشهر طويلة، حاول الناشطون الذين انشأوا تنسيقيات على الارض ومكاتب اعلامية واجتاحوا مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت، الحفاظ على سلمية تحركهم، بينما كان المتظاهرون يقتلون برصاص قوات النظام ويعتقلون يوميًا... الى أن ارتفعت اصوات تطالب بحق الدفاع عن النفس.
عسكرة النزاع
كانت معركة حي بابا عمرو في مدينة حمص (وسط) الذي دخله جيش النظام في الاول من آذار/مارس 2012 بعد ايام طويلة من المعارك والحصار، النقطة الفاصلة التي حسمت في اتجاه عسكرة النزاع.
وفي حرب الاستنزاف الدائرة حاليًا، يبدو واضحاً أنه لا يوجد طرف قادر على الحسم العسكري. ورغم الاختلال الكبير في ميزان القوى، يسيطر "الجيش السوري الحر" المؤلف من جنود منشقين ومدنيين مسلحين ابرزهم الاسلاميون، والذي يحظى بتعاطف شعبي، على اجزاء واسعة من الشمال والشرق ابرزها مدينة الرقة (شمال)، اول مركز محافظة يخسره النظام.
في هذه المناطق، بدأت تنشأ "ديناميات بديلة عن الدولة" تشمل استحداث مجالس محلية وهيئات قضائية لإدارة الخدمات وشؤون الناس، لكن ايضاً، بحسب ابو دياب، "تصنيع السلاح والمخدرات والتهريب بكل انواعه". وفي ظل الفوضى وغياب القانون والمؤسسات، عمليات خطف وثأر طائفي بين السنة والعلويين.
في المقابل، يقول خبراء عسكريون إن النظام يركز قواته في دمشق، ويسعى الى الحفاظ على الخط الممتد من العاصمة صعودًا نحو محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين والجبل العلوي، معولاً في ذلك على ترسانة ضخمة من الاسلحة والطائرات الحربية و...صواريخ سكود.
فشل دولي
وسط كل هذه التعقيدات، فشلت وساطة دولية قام بها موفدان خاصان الى سوريا كوفي انان ومن بعده الاخضر الابراهيمي الذي صبت عليه دمشق خلال الاسابيع الماضية سيلاً من الانتقادات. وخلال عامين، لم يتمكن مجلس الامن الدولي من الخروج بأي قرار حول سوريا.
ويقول ابو دياب "الانقسام الدولي حول الازمة السورية حاد ولا شبيه له منذ نهاية الحرب الباردة. (...) والرقصة الدموية موصولة بمصير التجاذبات الدولية (...) ما يرجح تمديد المأساة، لأن الوظيفة الجيوسياسية للنزاع لم تستنفد بعد".
ويضيف "عندما يصبح الوضع مستنقعًا بكل معنى الكلمة، ويدرك الكبار (الدول الكبرى) أن لا مصلحة لهم في تحول بلد متجذر في التاريخ الى صومال الشرق الاوسط، عندها قد يتحركون".
الا أنه يحذر من "خطر الوصول الى مرحلة تأتي ببشار الاسد الى طاولة الحوار ممثلاً عن العلويين وتصبح المسألة محاصصة طائفية على الطريقة اللبنانية. هذا سيعني تفتيتًا فعلياً يتمدد في المنطقة وحروبًا طويلة الامد".
تسلسل زمني للنزاع
2011:
- 15-16 آذار/مارس: تجمعات في دمشق بدعوة من ناشطين على فيسبوك من اجل الغاء قانون الطوارىء وضد "اسلوب الحكم الفردي والفساد والاستبداد".
سجلت تظاهرات ضد السلطة قمعت بعنف في دمشق ودرعا (جنوب).
تحدثت السلطات عن "تمرد مسلح تقوم به مجموعات سلفية".
- 21 نيسان/ابريل: رفعت حالة الطوارىء المفروضة منذ 1963. سقط عشرات القتلى في اليوم التالي. اتسع نطاق الحركة الاحتجاجية التي تشددت في موقفها مطالبة باسقاط النظام.
- 30 تموز/يوليو: العقيد رياض الاسعد الذي انشق عن الجيش وفرّ الى تركيا يعلن انشاء الجيش السوري الحر لمقاتلة النظام.
- 31 تموز/يوليو: حوالي مئة قتيل في هجوم واسع للجيش على حماة (وسط).
- 18 آب/اغسطس: الرئيس الاميركي باراك اوباما وحلفاؤه الغربيون يدعون الاسد الى الرحيل. الدول العربية والغربية تتبنى سلسلة من العقوبات الدولية ضد النظام وضد قادة في الحرس الثوري الايراني متهمين بالمساعدة على سحق الحركة الاحتجاجية.
- 02 تشرين الاول/اكتوبر: تأسيس المجلس الوطني السوري.
2012
- 04 شباط/فبراير: روسيا والصين تستخدمان حق النقض للمرة الثانية لاعتراض مشروع قرار في مجلس الامن الدولي يندد بالقمع في سوريا.
- 01 آذار/مارس: الجيش السوري يسيطر على حي بابا عمرو معقل المعارضة في حمص (وسط) بعد يومين من المعارك واربعة اسابيع من الحصار. مجلس الامن الدولي يندد بـ"التدهور السريع للوضع الانساني".
- 16 حزيران/يونيو: مراقبو الامم المتحدة المكلفون بموجب خطة سلام تقدّم بها كوفي انان لوقف اطلاق النار وتم تجاهله --، يعلقون عملياتهم في سوريا.
- 03 تموز/يوليو: هيومن رايتش ووتش تدين "تعذيب" عشرات الآلاف من المعتقلين.
- 17 تموز/يوليو: المعارضة المسلحة تبدأ معركة "تحرير" دمشق والجيش السوري يصدها. منذ ذلك الحين يصد الجيش باستمرار محاولات المعارضة في دمشق ويقصف بالطائرات والمدفعية جيوبا للمسلحين في ريف دمشق.
- 18 تموز/يوليو: مقتل اربعة مسؤولين امنيين بينهم صهر الرئيس السوري في هجوم في دمشق.
- 19 تموز/يوليو: فيتو روسي صيني في الامم المتحدة هو الثالث ضد مشروع قرار يفرض عقوبات على النظام السوري.
- 28 تموز/يوليو: الجيش يشن هجومًا على حلب ثاني مدن البلاد.
- 11 تشرين الثاني/نوفمبر: انتخاب احمد معاذ الخطيب رئيسًا لائتلاف للمعارضة يضم المجلس الوطني السوري.
- 22 كانون الاول/ديسمبر: حلف شمال الاطلسي يعلن أنه رصد اطلاق صواريخ سكود جديدة من قبل النظام.
2013
- 06 كانون الثاني/يناير: الاسد يقترح خطة "سياسية" تشمل بقاءه في السلطة. المعارضة تطالب برحيله كشرط قبل أي حل.
- 26 كانون الثاني/يناير: الحلف الاطلسي يعلن أن صواريخ باتريوت الاولى التي نشرت على الحدود التركية السورية اصبحت عملانية.
- 30 كانون الثاني/يناير: الخطيب يؤكد استعداده لحوار مباشر مع ممثلين للنظام.
- 03 شباط/فبراير: اسرائيل تؤكد ضمنًا أنها شنت في نهاية كانون الثاني/يناير غارة على مجمع عسكري قرب دمشق.
- 22 شباط/فبراير: 83 قتيلاً على الاقل في اعتداء في دمشق. سوريا شهدت سلسلة من الهجمات الدموية في الاشهر الاخيرة تبنت جبهة النصرة المدرجة على اللائحة الاميركية للمنظمات الارهابية، معظمها.
- 25 شباط/فبراير: وزير الخارجية السوري وليد المعلم يعلن للمرة الاولى أن النظام مستعد للحوار مع المعارضين المسلحين.
- 28 شباط/فبراير: واشنطن تعلن للمرة الاولى عن مساعدات مباشرة غير قاتلة لمسلحي المعارضة.
- 06 آذار/مارس: معارضون مسلحون يخطفون 21 مراقبًا فيليبينيًا للامم المتحدة في الجولان.
- 06 آذار/مارس: المتمردون يسيطرون بشكل كامل وللمرة الاولى على مدينة هي الرقة (شمال شرق). تقدم المسلحون في الشمال والشرق بينما يتمركز الجيش في الوسط والغرب.