وصفت مجلة الاكونومست البريطانية ما جرى في غزة خلال 51 يوماً من القتال بأنه حرب بدون منتصرين ، فقد توقفت الحرب ، ليس بسبب التوصل إلى حل ، وليس لأن أحد الطرفين انتصر على الطرف الآخر وحقق اهدافه ، بل بسبب اتضاح عدم جدوى الاستمرار في القتال.
حرب بدون منتصرين تعني حرب مهزومين ، فتكاليف الحروب المادية والبشرية هي الثمن المطلوب لتحقيق الأهداف ، أما دفع الثمن الباهظ دون تحقيق الهدف فهو الهزيمة بعينها.
الانتصار بالنسبة لإسرائيل يعني تحقيق أهدافها ، وفي المقدمة القضاء على حماس وليس مجرد إضعافها وفي الحد الأدنى نزع سلاحها ، وتدمير الأنفاق ، وقد دفعت إسرائيل الثمن 72 ضابطاً وجندياً وعدداً من الأسرى ، ولم تحقق سوى ما يمكن أن يوصف بأنه إضعاف حماس مؤقتاً. إسرائيل إذن مهزومة.
حماس بدورها دفعت الثمن 2200 شهيد ، و12 ألف جريح ومصاب ، وربع مليون نازح ، وتدمير 17 ألف منزل ولم تحقق أهدافها. حماس إذن مهزومة أيضاً.
حتى لو قضت إسرائيل على حماس فسوف يفرز القطاع تنظيمات إسلامية أخرى أكثر تشدداً ، ولو دمرت الانفاق فليس هناك ما يمنع إعادة تأهيلها أو حفر غيرها ، ولو استنفدت صواريخ حماس فإن المصدر الداخلي (التصنيع) والمصدر الخارجي (التهريب) سوف يعوضانها.
من ناحية أخرى فلو استطاعت حماس بمعجزة أن ترفع الحصار ، فلن يعني ذلك أن القطاع سيصبح دولة ذات اقتصاد وطني بعيداً عن الدولة الفلسطينية المأمولة؟.
هذه التساؤلات وردت دون شك في أذهان الجانبين وكانت سبباً في القبول بهدنة غير محدودة.
حرب الواحد وخمسين يوماً على قطاع غزة أسفرت عن خسائر بشرية ومادية تكبدها الجانبان ، فهل هناك جوانب إيجابية أو مكاسب يمكن أن تنشأ منها!.
الجواب نعم ، فالوسيط المصري قد ينجح في دفع الجانبين إلى اتفاق قابل للاستمرار بإعطاء كل جانب أهم أهدافه ، فإذا حدث سلام حقيقي فلا حاجة لحماس بالصواريخ ، وإذا رفع الحصار فلا حاجة لها بالأنفاق ويصبح المطار والميناء وإعادة الإعمار تحصيل حاصل ، ويعاد توحيد الضفة والقطاع.