جون ألن هو اقرب الى اسم يليق بممثل سينمائي في هوليوود ، ولكنه ليس كذلك ، لأنه اسم ممثل التحالف في الحرب على « الدولة لاسلامية في العراق والشام « واسمها الحركي المختصر « داعش «. وداعش هو التنظيم الغامض الذي يثير اسمه الرعب والدهشة معا. فهذا التنظيم (داعش) يثير الرعب لأنه تشكل من جماعة متعصبة قادمة الى القرن الواحد والعشرين من الماضي ، بحيث يذكرنا بمقاتلي قبائل الفايكنغ القساة الذين اجتاحوا اوروبا ، او معظمها ، من الشمال الى الجنوب ، اذا صدق كل ما يذاع ويشاع عنهم وحولهم ، او ينسب لهم من افعال لا تقبلها الانسانية ولا يتخيلها عقل سليم.
اما الدهشة المشحونة بالاستغراب التي اثارها ظهور « داعش « على ساحة الصراع في المنطقة هو غياب الصراع العربي الاسرائيلي نهائيا عن برنامج هذا التنظيم ، الذي غير الاولويات في قضايا الامة ، وساعد في تغييب القضية الفلسطينية عن اهتمامات الدول العربية والغربية معا ، في الوقت الذي تسعى فيه اسرائيل الى انتزاع هذه القضية من الذاكرة العربية.
وفي الحقيقة ان هذا التضخيم الاعلامي المفتعل ، والمبالغ فيه حول خطر داعش على أمن اميركا واوروبا والسلم العالمي وسلامة الكرة الارضية ، وتشكيل التحالف العالمي لشن حرب عالمية على هذا التنظيم ، يثير الشكوك والمخاوف لدى الكثيرين خشية ان يكون للحملة اهدافها غير المعلنة ، وفي مقدمتها اعادة الهيمنة العسكرية الاميركية على المنطقة ، واطلاق يد واشنطن في المنطقة ، ومنحها الشرعية والحرية المطلقة للتدخل في شؤون الدول العربية والاقليمية الخارجة عن طاعة سيد البيت الابيض.
واذا تحدثنا بوضوح أكثر، ربما تسعى واشنطن ، وبتشجيع ودعم من فرنسا وبريطانيا ، الى التدخل العسكري في سوريا والعراق ، ولكن واشنطن ، حتى الان ، مكتفية بالقصف الجوي ، تحت عنوان الحرب على داعش ، لأن الادارة الاميركية لا تريد النزول الى الارض الملتهبة والمشاركة في القتال البري ، الا اذا تم جرها الى حرب واسعة في المنطقة.
وقد يكون النفوذ الايراني في سوريا والعراق احد اهداف العملية العسكرية الاميركية ، فواشنطن لا يهما العلاقات والمبادىء بقدر ما تهمها المصالح ، ومصلحة اسرائيل اولا. واذا عدنا الى الماضي القريب ، نلاحظ ان واشنطن ، ومعها دول غربية اخرى ، تخلت عن شاه ايران في «وقت الزنقة « ، وحاولت التعامل مع سلطة الثورة الايرانية في بداية الطريق. ونلاحظ ايضا انها تراجعت في علاقاتها مع ايران عندما تأكدت من خطأ حساباتها ، فالتفت على الموقف ودعمت العراق في حربه مع ايران ، حماية لمصالحها النفطية في الخليج.
ولأن المصالح الاميركية في المنطقة ثابتة ، وعلاقات واشنطن مع الدول متحركة ومتحولة ، انقلب الاميركيون على العراق وشكلوا تحالفا دوليا قام بغزو بلاد الرافدين نجح في اسقاط النظام وتقويض هيكل الدولة السياسي والاقتصادي وحل الجيش وتسليم البلاد الى المعارضة المتحالفة مع ايران ، التي هي اليوم الهدف الاول والاكبر للحراك العسكري الاميركي في المنطقة ، حسب المصالح الاميركية والرغبة الاسرائيلية.
لذلك من الصعب التكهن بحجم العمل العسكري الاميركي عبر التحالف ، بحيث اننا لا نعرف متى وكيف واين تبدأ حرب اميركا على داعش ، ولا متى وكيف واين تنتهي. ربما لأن لواشنطن مآرب اخرى غير معلنة .