أخر الأخبار
فلسطين وحقوقها .. مبدأ هاشمي ثابت
فلسطين وحقوقها .. مبدأ هاشمي ثابت
الأردن.. هو الأقرب لفلسطين، ليس جغرافيا وحسب، بل تاريخاً، وبذلاً، حاضراً، ومستقبلاً.. وجاءت القمة الأخيرة بين جلالة الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، لتؤكد على حقائق موصولة، لها تاريخ يمتد إلى مئة عامٍ وأكثر.
في السنوات الأخيرة، لم يكن الدرب في سبيل صون الحقوق في فلسطين سهلاً، وبذل جلالة الملك عبدالله الثاني جهداً كبيراً، في سبيل أن تبقى فلسطين حاضرةً، كحق وحضورٍ، وأن تبقى هذه الحقوق بعيدة عن أي محاولات للالتفاف، أو القفز عنها، مهما كانت الصيغ.
وهذا الموقف الصلب، لجلالة الملك عبدالله الثاني، هو مبدأ راسخ، أرساه ملوك بني هاشم، منذ عهد الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه، ومواقفه لأجل فلسطين وعروبتها، فهذا المبدأ الأردني لا يمكن أن يكون يوماً، محل نقاش، ولا يتعامل معه الأردن من مبدأ السياسة، بل من منطلق الثابت الذي لا يتغير، ففلسطين لدى الأردن، هي قضية حقٍ، ترتبط بالوجود التاريخي والجغرافي، ولا تخضع لأي تسويف أو أي محاولة للقفز.
ومن بين إرث المواقف الهاشمية الحيّة، رفض الشريف الحسين، التوقيع على معاهدة سيفر عام 1920م، وهي المعاهدة التي تضمنت التخلي عن جميع الأراضي العثمانية التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية، وأجاب الشريف الحسين بأنّ التصديق المطلوب على هذه المعاهدة يحمل من الضرر أكثر مما يحمل من النفع، وكانت الدوافع في ذلك لأجل فلسطين، على اعتبار أن فلسطين داخلة في منطقة الاستقلال العربي.
هذا الموقف من قبل الشريف الحسين، دفع بريطانيا إلى محاولة الضغط عليه مالياً، لأجل التوقيع على معاهدة فرساي، ولكنه رفض ذلك، في موقف صلبٍ استدعى إرسال لورنس إلى جدة لمقابلة الشريف الحسين في أواخر شهر تموز 1921م، حاملاً معه مسودة المعاهدة التي يطلب التوقيع عليها، واستمرت المفاوضات لنحو شهرين، حاول خلالها لورنس إقناع الشريف الحسين بالموافقة على نص المعاهدة مع بريطانيا، إلا أن الشريف الحسين كان يكرر بأن أي معاهدة أو اتفاق يجب أن «يحترم استقلال العرب»، ويقول أمين سعيد في كتابه عن الثورة العربية الكبرى، إن الشريف ?لحسين وجراء الضغوطات التي تعرض لها حتى من قبل بعض رجالاته المحيطين به ليقبل بمشروع المعاهدة «صعد إلى سطح المنزل الذي يقيم به واتجه نحو الكعبة وأقسم بربها، أنه لا يوقع معاهدة لا تحقق ما وعد به من وعود..».
وتقول جريدة القبلة في عددها الصادر بتاريخ 3 نيسان 1922م، إن الشريف الحسين رفض التوقيع على معاهدة فرساي «لأنها تمنح فلسطين لليهود وتجعل بالنتيجة الشرق الأوسط كله مستعمرة يهودية».
وبقي هذا المبدأ حاضراً، ففي معارك فلسطين عام 1948م، كان الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، مؤمناً بالحقوق العربية. وتذكر الوثائق أنّه قال مخاطبا جنده سوف أقاتل من اجل القدس حتى الشهادة، وسمي طيب الله ثراه، أبو طلال عميد النهضة العربية، ومحررالقدس وخادم أولى القبلتين، حتى كان شهيد القدس.
ومن بين ما تحفظه لنا وثائق سيرته أنه شارك بإطفاء حريق كنسية القيامة 1949م، وكان يفخر بخدمته للمقدسات الإسلامية والمسيحية.
وما تزال مواقف الملك الحسين بن طلال حاضرةً، إذ أرسى طيب الله ثراه، للأردن دوراً وجودياً لأجل فلسطين، فعلى مدار نصف قرنٍ من عهده، كان الأردن يبذل دماً ودوراً، ويحشد في سبيل فلسطين، ما أبقى فلسطين حاضرةً في العرف الدولي كقضية حقٍ، ولها أنصارها على الساحة الدولية.
إننا اليوم، وحيال دور الأردن في سبيل فلسطين، ننطلق من تاريخٍ غنيٍ بحضوره، ومفرداته، وهو دور موصول حتى اليوم، يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني، مؤمناً أن للأردن الهاشمي، رسالة ومبدأ.. وهو فلسطين وحقوقها، وحتى تنال حقها.