أخر الأخبار
الأقصى واخطار غير مسبوقة
الأقصى واخطار غير مسبوقة
في بيانه الأخير ، كان صوت مجلس الأوقاف والمقدسات الإسلامية في القدس، واضحا وجليا، في تحذيره من الخطر الذي يتهدد الأقصى اليوم، وقد وجه البيان خطابه هذه المرة للعالم.
وجدد جملة المطلب بالحفاظ على الأقصى، وأن "للمسلمين وحدهم الحق الحصري في المسجد الأقصى؛ عبادة ورفادة وسيادة تحت وصاية هاشمية تاريخية مباركة، يشد بها أزر أهالي بيت المقدس وأكنافه".
إن هذا البيان يأتي بعد أن تجاوزت الاقتحامات الاخيرة للمسجد الأقصى المبارك، في أساليبها، ومراميها الحدود، ووصلت إلى أساليب ملتوية من العبث بالبشر، والحجر، والتاريخ، وهي حالة يريد من خلالها الاحتلال أم يكرس مستقبلا وفق مخططاته.
وقد تصاعدت هذه النبرة المتطرفة في أكناف القدس، مع صعود الاستيطان المتطرف، واليهود المتطرفين خاصة أو ما يطلق عليهم بـ «الحريديم»، والآخذة أعدادهم بالازدياد خلال السنوات الاخيرة، باتوا يشكلون سمة في المجتمع الإسرائيلي، إذ، تقول التقديرات، إنّ عدد ولاداتهم السنوية 35 ألفاً بما يشكل 25% من مجموع ولادات إسرائيل، ويتزوج فيها سنوياً 5 آلاف زوج حريدي، ينجب أحدهم 7-9 ولادات، ينتج عنها زيادة كبيرة في أعدادهم.
وهذه الفئة التي تتحرك في ظرف دقيق، وسط انشغال العالم والمنطقة، كل بهمه مكمن خطرها انها تتبنى تفسيرات متطرفة في التراث الديني اليهودي، وتتشدد في أداء طقوسها، وهم منعزلون في العادة، حتى داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وتمارس عملها السياسي من خلال نواب في الكنيست، ينتمون إلى أحزاب الحريديم، وأبرزها: شاس، يهدوت، هتوراه، وغيرها.
في السابق كنا نتحدث عن مشاهد اقتحامات هؤلاء المتطرفين، المدججين بالكراهية، وبحماية شرطة الاحتلال، وخط مسيرهم داخل باحات المسجد الأقصى، ولكننا اليوم أمام ظاهرة تطرف، خطرها أنها هي من تسير الشأن السياسي لإسرائيل، وباتت تعبر عن عنصريتها، وعنصرية سياسييها.
فنحن اليوم أمام صهيونية دينية متطرفة، مشحونة بالكراهية لكل ما هو مختلف عنها، وهي صهيونية لها حراكها في إسرائيل، وتخيف سياسييها وحكوماتها، وهنا لسنا في مقام التبرير للاحتلال، ولكننا أمام سمات غير معهودة، وتحولات جلية في هذا الكيان المحتل، يمكن اختصارها بالقول: إنّ الصهيونية المتطرفة، بعقائدها، وأدواتها، باتت المسيطرة، وهذا ما يمكن قراءته من محاولة فرض تقسيم زماني ومكاني للمسجد الأقصى، وهو أمر يخالف كل مبدأ إنساني أو احتلالي.
الاشكالية اننا امام فئة متطرفة، تخلق باستغلال الظرف، مرحلة أخطر من عام 1967م، وما أسست له لاحقا بمنح اليهود الحق داخل الحرم، عبر قرارات قضائية.
إنّ أطماع الفئة الحاكمة في إسرائيل اليوم، وسلوكياتها وعبثها غير مدركة بأنها تقود العالم إلى صدامٍ كبيرٍ، فالقضية الفلسطينية، مهما تقادم عليها الزمان، ومهما انشغل العالم عنها، تبقى هي المركزية على مستوى العالم، والعبث في العقائد عبر هذه الانتهاكات، سيقود إلى صدامٍ كبير، وهذا الكلام ليس نظرياً وحسب، بل على مدار التاريخ، كانت القدس محور تحولاتٍ هامةٍ سواء على صعيد القضية الفلسطينية ومحطات الصراع مع المحتل أو عبر تاريخ منطقتنا العربية، ومنذ القدم، وما الاقتحامات إلاّ وجه من وجوه هذا التطرف «المقيت».
واليوم يحاول الأردن رفد كل جهد يصون القدس، والوصاية تؤدي دورها بحفظ العمران البشري والإنساني، والمطلوب دعم الأردن، فنحن الأقرب والمدركون للخطر.