أخر الأخبار
دحر «داعش»
دحر «داعش»

اللجوء الى الخيار العسكري لدحر داعش، كان خيارا ضروريا، الى جانب الخيارات الاخرى وفي مقدمتها «الوقاية الفكرية» من هذا النهج المتطرف دينيا والمرفوض شعبيا ورسميا،الذي حاول مرارا وتكرارا خرق الحدود لتعميم الفوضى والقتل واراقة الدماء، على اكبر مساحة ممكنة من الارض العربية.
الاردن، عانى من استهداف الجماعات المتشددة لمصالحه وأمنه واستقراره، ولعل تفجيرات عمان في 2005، التي ذهب ضحيتها عشرات الاردنيين، كانت بمثابة اعلان الحرب على هذه التنظيمات اينما تواجدت، واضحت مسألة ملاحقة التنظيمات المتطرفة هدفا دفاعيا، يؤمن للأردن ومواطنيه شرورها، وقد أثبتت هذه المعركة جدواها، بالدلائل والبراهين، وتم احباط العديد من المخططات الرامية الى زعزعة استقرارنا وأمننا الوطني على مدى السنوات العشر الماضية.
ما نراه اليوم من انتهاك للأرض العربية والدم العربي يدعونا الى وقفة جادة وحقيقية للمستقبل الذي نريده لهذه الامة، التي اصبحت مطمعا للقاصي والداني، ليس لسبب سوى لضعفها ونكوصها وصراعاتها الدينية والدنيوية، فالفكر المتطرف مهما كان نوعه او نهجه لا يمكن ان يستمر او يتمدد، وما يحدث في سوريا والعراق لا يخدم قضايانا بأي شكل من الاشكال، بل يخدم اعداء الامة واطماعها في تمدد النفوذ على حساب هذه الامة.
لقد اصبح المسلم والعربي متهما اينما حل، واصبح محل تساؤل ونفور، فلم تسلم دور العبادة من الاعتداءات في دول كثيرة حول العالم، في المانيا وحدها تعرضت خمسة مساجد ومؤسسات اسلامية لاعتداءات بالحرق والتكسير وغيرها خلال شهر آب المنصرم، وكذلك الحال في دول اخرى من العالم، لا أدري اي جهاد واي كفاح باسم الدين يمارس ضد بني الجلدة الواحدة، فهل اصبح العدو اليوم بين ظهرانينا، بعد ان غفلنا عن اعدائنا الحقيقيين المستفيدين من كل ما يجري في مشرقنا العربي، وبفعل أيدي البعض منا.
لا يمكننا الفصل بين ما يجري في بغداد ودمشق وصنعاء، لماذا ترفع صور زعامات الملالي وسط صنعاء؟ ولماذا يتحول شعب آمن بين ليلة وضحاها الى اكبر شعب لاجئ في العالم؟ ولماذا يتحول اغنى بلد عربي من حيث الموارد والثروات الى بلد ممزق مقتتل تتنازعه الفوضى والطائفية ؟ لماذا ولماذا..
حتى ربط مسمى «الدولة الاسلامية» بهذا التنظيم، كلمة حق يراد بها باطل، فالدولة الاسلامية العباسية والدولة الاسلامية الاموية، وما تلاهما، كانت محطات مضيئة ومشرقة من تاريخ الامة، فما قدمته من علم وحضارة ونور وتنوير وتسامح ونبذ للكراهية والتطرف للعالم يشهد له القاصي والداني، فمشكلة الاسلام ليست فيه كدين، بل ان منبع المشكلة في القلة المتعصبة ممن يدعون حمل راية الاسلام ونشر مبادئه واحكامه بالعنف والترهيب.
دحر «داعش» ليس خيارا فحسب، بل واجب ايضا، ومشكلة التعصب الديني لا تقتصر على الاسلام وحده فهناك مجموعات تعصب لدى الديانات الاخرى، لكن ما يهمنا ان لا يستغل الدين الاسلامي «تجاريا» من لدن القلة القليلة، فالدين الاسلامي ليس دين تعصب او تكفير، بل على العكس الدين الاسلامي دين التسامح والرحمة والتكافل، ويتكيف مع محيطه يستوعبه ويقنع الاخرين بمبادئه ومضامينه، لكن المشكلة فيمن يستغل الدين الاسلامي للوصول الى اهدافه بامتلاك السُلطة.