لدينا نحن الإعلاميين شعور بأننا نملك الحق في نقد الجميع وتقديم النصائح لكافة السياسيين والاقتصاديين والمسؤولين والمواطنين العاديين بسبب المساحات التي نملكها من حرية التعبير والنشر والوصول إلى القارئ. رغبتنا في انتقاد الجميع التي نسميها “حرية تعبير” وندافع عنها بكل استماتة، لا تمتد إلى حق الآخرين في انتقاد الإعلام وأحيانا نقوم بتوزيع الاتهامات على كل من يقدم نقدا مبررا ومنطقيا لأداء الإعلام الأردني ونقول، إن ذلك نابع من رغبة في التضييق على حرية التعبير وممارسة القمع الفكري. في نفس الوقت نرفض في الوسط الإعلامي الاعتراف بمستوى الرداءة المتزايد في الكثير من وسائل الإعلام التي تنتهج التحريض والتضليل بل الكذب الصريح في التغطية الإعلامية، وفي حال قامت الحكومات بإصدار تشريعات وإجراءات رقابية نغضب ونتهمها مرة أخرى بمعاداة حرية التعبير.
للمرة الأولى يظهر من داخل الوسط الإعلامي من يتجرأ لرصد مصداقية الأداء الإعلامي وذلك عن طريق برنامج “أكيد” وهو مختصر لمرصد مصداقية الإعلام الأردني الذي ينفذه معهد الإعلام الأردني لرصد المضمون الإعلامي بشكل يومي وشهري مع مراجعات دقيقة لبعض القضايا الرئيسة التي يغطيها الإعلام.
عملية الرصد التي يقوم بها البرنامج لا تهدف إلى إطلاق الأحكام السلبية بقدر ما هي عملية تنبيه للخلل الذي قد يحدث في التغطية الإعلامية وأحيانا نتيجة قلة الخبرة أو عدم الالتزام بالمعايير المهنية وتقترح إجراءات وحلول لتطوير حالة الإعلام الأردني. الكل يستفيد من هذه العملية سواء وسائل الإعلام التي تنتبه إلى الأخطاء والتقصير والراي العام الذي يستفيد في ضرورة الحذر والحرص في عدم تقبل الأخبار دون معلومات مرجعية وبيانات سليمة تدعمها.
في المرحلة الأولى تتم عملية الرصد للصحف اليومية فقط ولكن من المهم توسعة ذلك الجهد؛ لأن نسبة كبيرة من المواقع الإلكترونية بالذات هي التي يعاني بعضها من تراجع المهنية ويسهم في نشر الشائعات والتحريض والمعلومات غير السليمة وهي تتمتع ايضا بنسبة متابعة عالية ولا يستهان بها.
مرصد مصداقية الإعلام الأردني تجربة قد لا تريح البعض ولكنها هامّة لتطوير الأداء الإعلامي ويمكن أن يستفيد الجميع منها في الفترة المقبلة.