هشاشة عزَّ نظيرها، ولا يمكن التهاون بها، لأن تلك الهشاشة، باتت تؤثر على الوضع العام في الأردن، جراء تناثر الشائعات وتناسلها، التي تأسست على المخاوف وغياب المعلومات ايضاً.
البيئة صعبة ولا أحد ينكر ذلك، وهي بيئة تشي بتطورات مختلفة، خاصة أن كل المنطقة تغلي على مستويات مختلفة، والمواجهات مشتعلة في دول كثيرة، فيما عمان الشعبية واخواتها يتشاغلون عن لبِّ القضايا وتأثيراتها بشائعات كثيرة، يتم تصنيعها كل يوم، ويتم تناقلها مثل البرق في كل البلد.
من قصص الرسائل المجهولة مرورا بما يتم نشره عبر بعض وسائل الإعلام، وصولا الى التواصل الاجتماعي، هناك حالة تؤشر على عدم رغبة الناس بتصديق أي شيء، سوى المثير والسلبي، فيتولد الخوف في عروق الناس، من كل شيء، ومن يومهم وغدهم على حد سواء.
كلما سألت أحدهم عن مصدر معلومته، قال»سمعنا» أو «قيل لي» أو ان مصدرا سريا في مكان سري سرب له المعلومة، وكل هذا معيب بحق المجتمع الأكثر تعليما في شرق المتوسط، إذ يدير سنده في الروايات على طريقة «سمعنا وسمعوا».
هذا يؤشر أيضا على أن غياب الصدقية والشفافية، خلال سنوات خلت، غياب ترك أثرا حادا، والناس يعتقدون عكس كل توضيح ، وعكس كل نفي، بل إن هذه باتت عقيدة شعبية تأتينا ردا في مرات على عقيدة الرسميين المترددة والحذرة والغائبة ، وكأن الريح تحتها.
يراد القول بكل صراحة اليوم، إن ادارة المعلومة وصدقيتها والتواصل مع الناس، من كل المعنيين إدارة بحاجة الى مراجعة، ولا نتحدث عن أشخاص وأسماء، بقدر الحديث عن المبدأ والشكل والمضمون، في ظل غياب مطبخ جاهز للظروف الحالية، أو تلك المقبلة.
دعوني أضرب مثلا صغيرا، لديَّ ولدى غيري أيضا الاستعداد لتجربة غريبة. سطر واحد على «الفيس بوك» أو «تويتر» يدَّعي أي معلومة، ويقدمها بطريقة ما.
أقول مثلا إن لدي معلومة مؤكدة حول أي شأن، ومع قليل من الذكاء في الصياغة، والإبهار في المعلومة، وستصير شائعة في كل البلد خلال ساعات، ولا يمكن ان يصدق الناس عكسها.
الكارثة هنا، ان الصدقية ستكون مرتفعة، لأن فلانا معروفا، لكنها ذات الدرجة من التصديق سنراها حتى لو كانت المعلومة مسربة أو مصاغة من صفحة باسم مستعار، فالقصة ليست فقط شرعية القائل وإرثه.
ظرف البلد حساس جدا على كل المستويات، والمنطقة كلها على مفترق طرق، والذين يعرفون اكتواريا يقرون سرا وعلنا أن كل المنطقة مفتوحة على احتمالات متعددة، فهل يعقل أن تبقى ادارتنا لملف العلاقة مع الناس متواصلة بهذه الطريقة، التي لا تترك أثرا.
للغرابة يتم عكس الكلام الرسمي دوما، واستنتاج عكسه، وهذه حالة تؤشر على فاتورة غياب الثقة خلال السنين الفائتة، وعدم تنبهنا لخسارة الصدقية يوما بعد يوم، حتى وصلنا الى مرحلة يكاد فيها شخص عادي جدا، ويمتهن التأليف أو الظن أو الخيال، أن يهز بلداً بأكمله جريا وراء رؤيته أو معلومته المزيفة.
إذا كان هناك من مسؤولية فهي تقع على الرسميين طول سنين فائتة، وتقع علينا ايضا لاستعدادنا الفطري لتصديق أي شيء سيء، وبينهما يبقى السؤال حول الذي ستفعله عمان لترميم الحبل السري ، حبل الثقة بينها وبين الناس، في ظل ظروف ليست سهلة على الإطلاق، وهي ظروف تستدعي طريقة اخرى.
لا يمكن أن نواصل ذات طريقتنا..هذه هي الخلاصة!.