أخر الأخبار
في الذكرى العاشرة لعزو العراق
في الذكرى العاشرة لعزو العراق

 

واشنطن - الكاشف نيوز : 
يغمر البيوت الأميركية هذا الأسبوع سيل من التغطية الاعلامية والتعليقات التحليلية بل ومشاعر الندم عن الذكرى السنوية العاشرة لحرب العراق. ويذهب الليبراليون إلى أنه لو كان تويتر موجودا لأوقف الغزو. أما المحافظون فيرون أن الروابط بين الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والإرهاب تعرضت في واقع الأمر للتهوين.
 
وأبرز الدروس المستفادة من الحرب هو أن الغزوات البرية الاميركية تعمل على زعزعة استقرار الشرق الأوسط بدلا من تحقيق استقراره. فقد قتل 100 ألف عراقي ولقي 4500 جندي حتفهم وبلغ حجم الانفاق تريليون دولار كل هذا كان يجب أن يوقف ما أطلق عليه دانييل دريزنر الاستاذ بجامعة تافتس "العسكرة الزاحفة للسياسة الخارجية الاميركية". وبدلا من ذلك ازداد ضعف المؤسسات المدنية الاميركية التي خذلتنا قبل في العراق.
 
وأول الأمثلة وزارة الخارجية. وقد أصاب دريزنر حين قال إن تضخم ميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون) في السنوات التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول، ترافقت مع زيادة نفوذها في السياسة الخارجية الاميركية. وهو يقول ان عددا كبيرا من جنرالات الجيش الاميركي السابقين شغلوا مناصب هامة في السياسة الخارجية.
 
وتباطأ هذا التوجه في الادارة الثانية للرئيس الاميركي باراك أوباما. لكن الميزانية وبرامج التدريب والقدرة على التخطيط مازالت صغيرة بشكل مضحك اذا ما قورنت بما يخص الجيش. والمال يعادل السلطة والنفوذ ومقعدا على المائدة في واشنطن. وكما قال لي صحفي سابق تخصص في مجال الأمن القومي فإن المؤسسات المدنية الضعيفة تؤدي إلى تضاؤل الاستجابات المدنية الممكنة للازمات.
 
وفي أول خطاب له كوزير للخارجية، حاول جون كيري وضع حجم الجهد المدني الاميركي في مكانه الصحيح. فاستند إلى استطلاع حديث أظهرت نتائجه أن أغلب الاميركيين يعتقدون أن وزارة الخارجية وبرامج المساعدات الخارجية الاميركية تستهلك 25 في المئة من الانفاق الاتحادي. وهي في واقع الأمر تتلقى واحدا في المئة منها. (أما المؤسسة العسكرية فتحصل على نحو 20 في المئة).
 
ولم يحظ خطاب كيري بأي تغطية صحفية. وهاهي وسائل الإعلام التي تعد مؤسسة مدنية أميركية أخرى تخذلنا مرة أخرى مثلما خذلتنا قبل عشر سنوات.
 
وهذا الأسبوع، تتلقى وسائل الاعلام عن جدارة صفعة لفشلها في أن تكون أكثر تشككا في التبرير المحوري لإدارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في حرب العراق ألا وهو أسلحة الدمار الشامل التي اتضح أنها غير موجودة.
 
وفي الأشهر التي سبقت الغزو، نشرت صحيفة نيويورك تايمز على صفحتها الأولى سلسلة تقارير اتسمت بالتهويل عن أسلحة الدمار الشامل أعدتها الصحفية جوديث ميلر. وفي الوقت نفسه تجاهل المحررون في الصحيفة ووسائل اعلام أخرى تقارير جريئة نشرتها صحف شركة نايت ريدر كانت تشكك في مزاعم الادارة عن أسلحة الدمار الشامل.
 
وبعد مرور عشر سنوات، أصبحت ميلر شخصية أساسية في قناة فوكس نيوز الأخبارية واختفت سلسلة نايت ريدر من الوجود. وتوصل تقرير مفزع نشره مركز بيو للأبحاث يوم الاثنين إلى أن عدد المحررين المتخصصين الذين يعملون كل الوقت بالصحف انخفض بنسبة 24 في المئة منذ عام 1989. وتوصل تحليل منفصل إلى ان نسبة العاملين بالعلاقات العامة مقارنة بالصحفيين ازدادت من 1.2 لكل واحد في عام 1980 الى 3.6 لكل واحد عام 2008.
 
ويرى البعض أن صعود نجم وسائل الاعلام الاجتماعية وصحافة المواطن يملأ الفراغ الذي خلقه تراجع موارد الصحف.
 
وقال ايريك بوليرت من ميديا ماترز هذا الاسبوع، إنه كان من الممكن أن يرغم تويتر الصحفيين على أداء مهمتهم بشكل أفضل قبل غزو العراق.
 
وأشار إلى حالات حديثة اضطر فيها بعض كتاب الاعمدة بالصحف المعروفة إلى الرد على سيل من الانتقادات على تويتر لمقالات كتبوها.
 
 
 
أي معنى للندم الأميركي المتأخر جدا؟ 
 
 
وقال جوناثان لاندي، أحد الصحفيين في نايت ريدر الذين لم تحظ كتاباتهم المتشككة في أدلة أسلحة الدمار الشامل قبل الغزو باهتمام يذكر، إنه ربما كان من الممكن أن تحدث وسائل التواصل الاجتماعي فرقا. لكنه تردد في القول إنه كان من المكن أن يخرس تويتر البيت الابيض.
 
وأضاف في رسالة بالبريد الالكتروني "هل كان من الممكن أن تأخذ الادارة البلاد للحرب لو أن النيويورك تايمز والواشنطن بوست والشبكات التلفزيونية قامت بما قمنا به من تحقيق صحفي؟ لا أدري. لكن وسائل الاعلام الاجتماعي كان من الممكن أن تلفت الانظار بدرجة أكبر كثيرا لعملنا وربما اقتدى بنا عدد أكبر من الصحفيين."
 
يسترجع لاندي، وهو زميل سابق وصديق قديم يعمل الان صحفيا في ماكلاتشي، ما مضى من أحداث ويوجه اللوم إلى وسائل الاعلام واجهزة المخابرات الاميركية.
 
وقال "وسائل الاعلام الاخبارية العادية كانت فظيعة في فشلها في أداء ما عليها مثلما كانت أجهزة المخابرات الاميركية في فشلها في الحصول على معلومات دقيقة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية غير الموجودة."
 
واليوم تهيمن المخاوف من "عراق آخر" على الجدل الدائر حول السياسة الخارجية الاميركية. والخيار ثنائي: فمن الممكن أن ترد الولايات المتحدة على تهديد للسياسة الخارجية بغزو بري محفوف بالمخاطر، أو ألا تفعل شيئا على الاطلاق. والمهلة قصيرة أمام المحاولات الدبلوماسية والاقتصادية وغيرها من المحاولات غير العسكرية للتأثير على الأحداث في الخارج. وأي تدخل أميركي سيزيد الوضع سوءا ويخلق مستنقعا آخر.
 
وبالطبع، يجب ألا تبدأ الولايات المتحدة غزوا آخر في الشرق الاوسط. لكن هذا لا يعني أنه يجب عليها ألا تتفاعل مع المنطقة على الاطلاق.
 
فقد أظهر الربيع العربي في الواقع أن شعوب الشرق الاوسط ترغب في الديمقراطية. وبالأخص يريد الشبان العرب حق تقرير المصير ووظائف والحياة الحديثة. ولواشنطن مصلحة في الأخذ بيدهم، لكنها لا تميل إلى ذلك وليس لديها من الوسائل غير العسكرية ما يذكر لتحقيق ذلك.
 
وبعد مرور عشر سنوات على غزو العراق، لا يزال دور وزارة الخارجية ضئيلا بالنسبة لوزارة الدفاع. وقد أصبحت وسائل الاعلام الإخبارية ثلث حجم صناعة العلاقات العامة. ونحن مستمرون في الاعتقاد بأن القوة العسكرية وسيلتنا الأساسية في معالجة تحديات السياسة الخارجية.
 
وفي أميركا ما بعد غزو العراق، تحول نقاشنا في السياسة الخارجية الى خيار ثنائي "نغزو أم لا نغزو". الخيارات المتاحة أكبر بكثير.. وليست الدول كلها العراق.
 

وكالات - الكاشف نيوز : 

 

يغمر البيوت الأميركية هذا الأسبوع سيل من التغطية الاعلامية والتعليقات التحليلية بل ومشاعر الندم عن الذكرى السنوية العاشرة لحرب العراق. ويذهب الليبراليون إلى أنه لو كان تويتر موجودا لأوقف الغزو. أما المحافظون فيرون أن الروابط بين الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والإرهاب تعرضت في واقع الأمر للتهوين. وأبرز الدروس المستفادة من الحرب هو أن الغزوات البرية الاميركية تعمل على زعزعة استقرار الشرق الأوسط بدلا من تحقيق استقراره. فقد قتل 100 ألف عراقي ولقي 4500 جندي حتفهم وبلغ حجم الانفاق تريليون دولار كل هذا كان يجب أن يوقف ما أطلق عليه دانييل دريزنر الاستاذ بجامعة تافتس "العسكرة الزاحفة للسياسة الخارجية الاميركية". وبدلا من ذلك ازداد ضعف المؤسسات المدنية الاميركية التي خذلتنا قبل في العراق. وأول الأمثلة وزارة الخارجية. وقد أصاب دريزنر حين قال إن تضخم ميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون) في السنوات التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول، ترافقت مع زيادة نفوذها في السياسة الخارجية الاميركية. وهو يقول ان عددا كبيرا من جنرالات الجيش الاميركي السابقين شغلوا مناصب هامة في السياسة الخارجية. وتباطأ هذا التوجه في الادارة الثانية للرئيس الاميركي باراك أوباما. لكن الميزانية وبرامج التدريب والقدرة على التخطيط مازالت صغيرة بشكل مضحك اذا ما قورنت بما يخص الجيش. والمال يعادل السلطة والنفوذ ومقعدا على المائدة في واشنطن. وكما قال لي صحفي سابق تخصص في مجال الأمن القومي فإن المؤسسات المدنية الضعيفة تؤدي إلى تضاؤل الاستجابات المدنية الممكنة للازمات. وفي أول خطاب له كوزير للخارجية، حاول جون كيري وضع حجم الجهد المدني الاميركي في مكانه الصحيح. فاستند إلى استطلاع حديث أظهرت نتائجه أن أغلب الاميركيين يعتقدون أن وزارة الخارجية وبرامج المساعدات الخارجية الاميركية تستهلك 25 في المئة من الانفاق الاتحادي. وهي في واقع الأمر تتلقى واحدا في المئة منها. (أما المؤسسة العسكرية فتحصل على نحو 20 في المئة). ولم يحظ خطاب كيري بأي تغطية صحفية. وهاهي وسائل الإعلام التي تعد مؤسسة مدنية أميركية أخرى تخذلنا مرة أخرى مثلما خذلتنا قبل عشر سنوات. وهذا الأسبوع، تتلقى وسائل الاعلام عن جدارة صفعة لفشلها في أن تكون أكثر تشككا في التبرير المحوري لإدارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في حرب العراق ألا وهو أسلحة الدمار الشامل التي اتضح أنها غير موجودة. وفي الأشهر التي سبقت الغزو، نشرت صحيفة نيويورك تايمز على صفحتها الأولى سلسلة تقارير اتسمت بالتهويل عن أسلحة الدمار الشامل أعدتها الصحفية جوديث ميلر. وفي الوقت نفسه تجاهل المحررون في الصحيفة ووسائل اعلام أخرى تقارير جريئة نشرتها صحف شركة نايت ريدر كانت تشكك في مزاعم الادارة عن أسلحة الدمار الشامل. وبعد مرور عشر سنوات، أصبحت ميلر شخصية أساسية في قناة فوكس نيوز الأخبارية واختفت سلسلة نايت ريدر من الوجود. وتوصل تقرير مفزع نشره مركز بيو للأبحاث يوم الاثنين إلى أن عدد المحررين المتخصصين الذين يعملون كل الوقت بالصحف انخفض بنسبة 24 في المئة منذ عام 1989. وتوصل تحليل منفصل إلى ان نسبة العاملين بالعلاقات العامة مقارنة بالصحفيين ازدادت من 1.2 لكل واحد في عام 1980 الى 3.6 لكل واحد عام 2008. ويرى البعض أن صعود نجم وسائل الاعلام الاجتماعية وصحافة المواطن يملأ الفراغ الذي خلقه تراجع موارد الصحف. وقال ايريك بوليرت من ميديا ماترز هذا الاسبوع، إنه كان من الممكن أن يرغم تويتر الصحفيين على أداء مهمتهم بشكل أفضل قبل غزو العراق. وأشار إلى حالات حديثة اضطر فيها بعض كتاب الاعمدة بالصحف المعروفة إلى الرد على سيل من الانتقادات على تويتر لمقالات كتبوها.   أي معنى للندم الأميركي المتأخر جدا؟   وقال جوناثان لاندي، أحد الصحفيين في نايت ريدر الذين لم تحظ كتاباتهم المتشككة في أدلة أسلحة الدمار الشامل قبل الغزو باهتمام يذكر، إنه ربما كان من الممكن أن تحدث وسائل التواصل الاجتماعي فرقا. لكنه تردد في القول إنه كان من المكن أن يخرس تويتر البيت الابيض. وأضاف في رسالة بالبريد الالكتروني "هل كان من الممكن أن تأخذ الادارة البلاد للحرب لو أن النيويورك تايمز والواشنطن بوست والشبكات التلفزيونية قامت بما قمنا به من تحقيق صحفي؟ لا أدري. لكن وسائل الاعلام الاجتماعي كان من الممكن أن تلفت الانظار بدرجة أكبر كثيرا لعملنا وربما اقتدى بنا عدد أكبر من الصحفيين." يسترجع لاندي، وهو زميل سابق وصديق قديم يعمل الان صحفيا في ماكلاتشي، ما مضى من أحداث ويوجه اللوم إلى وسائل الاعلام واجهزة المخابرات الاميركية. وقال "وسائل الاعلام الاخبارية العادية كانت فظيعة في فشلها في أداء ما عليها مثلما كانت أجهزة المخابرات الاميركية في فشلها في الحصول على معلومات دقيقة عن أسلحة الدمار الشامل العراقية غير الموجودة." واليوم تهيمن المخاوف من "عراق آخر" على الجدل الدائر حول السياسة الخارجية الاميركية. والخيار ثنائي: فمن الممكن أن ترد الولايات المتحدة على تهديد للسياسة الخارجية بغزو بري محفوف بالمخاطر، أو ألا تفعل شيئا على الاطلاق. والمهلة قصيرة أمام المحاولات الدبلوماسية والاقتصادية وغيرها من المحاولات غير العسكرية للتأثير على الأحداث في الخارج. وأي تدخل أميركي سيزيد الوضع سوءا ويخلق مستنقعا آخر. وبالطبع، يجب ألا تبدأ الولايات المتحدة غزوا آخر في الشرق الاوسط. لكن هذا لا يعني أنه يجب عليها ألا تتفاعل مع المنطقة على الاطلاق. فقد أظهر الربيع العربي في الواقع أن شعوب الشرق الاوسط ترغب في الديمقراطية. وبالأخص يريد الشبان العرب حق تقرير المصير ووظائف والحياة الحديثة. ولواشنطن مصلحة في الأخذ بيدهم، لكنها لا تميل إلى ذلك وليس لديها من الوسائل غير العسكرية ما يذكر لتحقيق ذلك. وبعد مرور عشر سنوات على غزو العراق، لا يزال دور وزارة الخارجية ضئيلا بالنسبة لوزارة الدفاع. وقد أصبحت وسائل الاعلام الإخبارية ثلث حجم صناعة العلاقات العامة. ونحن مستمرون في الاعتقاد بأن القوة العسكرية وسيلتنا الأساسية في معالجة تحديات السياسة الخارجية. وفي أميركا ما بعد غزو العراق، تحول نقاشنا في السياسة الخارجية الى خيار ثنائي "نغزو أم لا نغزو". الخيارات المتاحة أكبر بكثير.. وليست الدول كلها العراق.