مكثنا فترةً طويلةً نحن العرب نستغرب: عن توافق غربي بخصوص تمكين النفوذ الإيراني في ديارنا المسماة بالشرق الأوسط تحت بند «توازن القوى». وهي سنة قديمة من زمن الثقافة البريطانية الاستعمارية، وكندا كما نعلم ضمن فضاء الكومنولث البريطاني.
هل الغربيون يرفضون غلبة النفوذ العربي على حساب النفوذ الإيراني، أو العكس؟!
مؤخراً، مجلس العموم في كندا اتخذ قراراً بتصنيف «الحرس الثوري» الإيراني، منظمة «إرهابية»، وكلنا نعلم أنّ كندا حالياً تقع في أقصى الغرب الليبرالي.
حول هذا القرار الكندي، أدانت الخارجية الإيرانية هذا التصنيف، على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، وفقاً لما نقلته وكالة «مهر» الحكومية.
وأصدر مجلس العموم الكندي، الخميس الماضي، قراراً بالإجماع، لصالح اقتراح بإضافة «الحرس الثوري» الإيراني إلى القائمة الرسمية للمنظمات الإرهابية.
كنعاني قال إنَّ «(الحرس الثوري) مؤسسة سيادية ناشئة من الأمة الإيرانية، ولها هوية رسمية وقانونية صادرة عن دستور إيران، وهي إلى جانب عناصر أخرى مثل القوات المسلحة، لديها مسؤولية حراسة الأمن وحدود البلاد، كما تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار المستقر في المنطقة، من خلال التعامل مع ظاهرة الإرهاب الشريرة»، على حد تعبيره.
كنعاني قال إن «إجراء البرلمان الكندي ناجم عن جهل وعدم دراية بتأثير هذه المؤسسة».
هكذا قال الناطق الإيراني، وهكذا المتوقع منه، لكن السؤال الحقيقي: هل يجهل الغربيون - مجلس العموم الكندي هنا عينة ممثلة لهم - أن «الحرس الثوري» الإيراني هو راعٍ حقيقي للميليشيات الناشطة في الأعمال التخريبية في ديار العرب، المسماة بالشرق الأوسط؟!
كلنا، وهم معنا، يعلمون ذلك، فهل المعرفة هذه تلقى بالتقسيط؟!
وعليه، ومع هذه المعرفة «العمومية» المتراكمة، جيلاً إثر جيل، يلام العرب، في هذا الوقت، إن هم تشككوا في صدق وصفاء نية الغرب، وديمومة عزيمتهم في التعاطي مع هذه المعرفة العمومية!
قيل قديماً في حكمة العرب: من جرّب المجرّب فعقله مخرّب!
لذا، فلا ملام على العرب إن لم يتعاموا بجدية مع مثل هذه المواقف الغربية، فمن لم يعامل الضرر مباشرة ليس كمن يستخدمه عن بعد في مسرحية اللؤم السياسي. أو كما يقال في المثل العربي الآخر: من يأكل العصي ليس كمن يعدها!
الحق أنَّ هناك ذاكرة عربية حرجة حافلة بالشكوك مع التعاطي الغربي مع منطقتنا، ذاكرة خلاصتها الريبة من صدق ومضاء العزيمة الغربية، ونزاهة هذه السياسات الغربية، حتى يثبت العكس. وحتى يصحح ذلك، فلا يوجد ترف من الوقت لإضاعته مع هذه «التجاريب» الغربية، كندية كانت أو غيرها.