لا يمكن للتحالف الدولي ضد داعش ان يواصل ضرباته الجوية فقط، دون تدخل بري عبر جوار سورية والعراق في توقيت ما، لان هذه الضربات لن تؤدي غاياتها النهائية.
الضربات ستضعف التنظيم مرحليا، لكنها لن تقضي عليه، وبمجرد دخول افراد التنظيم الى الاحياء السكنية وتغيير التكتيكات، ستصير الضربات العسكرية الجوية، مقامرة كبيرة، اذ لا يعقل ان يتم قتل الف مدني من اجل التخلص من مجموعة من داعش، ولحظتها ستصير القصة عقوبة عامة لا تستثني احداً.
في الوقت ذاته فان التدخل البري سيكون لازما بعد فترة قصيرة، على الرغم من ان التدخل العسكري البري سيؤدي الى الاضرار بالجيوش وتوريطها في حروب عصابات، لكنه سيكون اجباريا امام عدم تحقيق الضربات الجوية لنتائج حاسمة، وسيكون مفروضا اذا وسعت داعش من عملياتها نحو دول الجوار.
الانموذج التركي واضح، لكنه انموذج يريد المقايضة بين الشراكة في الحرب ضد داعش، مقابل اسقاط نظام الاسد بحيث لا يتحول التحالف الدولي الى موظف صغير عند دمشق الرسمية يخلع شوكها نيابة عنه، وتجنب تركيا للحرب البرية سيكون مؤقتا، كما حال الدول الاخرى التي تتجنب هذا التدخل.
لكنها المفارقة ايضا، فتركيا التي تريد خلع الاسد، قد تورطها داعش في حرب ضد التنظيمات التي تقاتل الاسد، وتركيا تقاوم الاستخدام بهذه الطريقة، ولا احد يعرف الى متى ستبقى قادرة على الرفض؟!
المحور الايراني السوري العراقي وحزب الله، يدركون على ما يبدو ان هناك تخطيطا دوليا تحت مسمى محاربة داعش، سيؤدي للتدخل البري في غرب العراق، وشمال سورية، وجنوب سورية ايضا.
هنا تتحول داعش الى مسهلة خدمات لهذا المخطط، وهذا المحور لن يقبل تفتيت محوره ولا تقسيمه، بذريعة الحرب على داعش.
هذا قد يفسر الرسالة التي ارسلها حزب الله الى اسرائيل والولايات المتحدة، عبر التفجير المحدود الذي جرى في جنوب لبنان، وهي رسالة لها غاياتها اللبنانية الداخلية، ولها توظيفاتها الاقليمية، واسرائيل ذاتها لا تريد حربا الان ضد حزب الله، لانها تعرف ان مخزونه من السلاح اخطر بكثير من مخزون حماس.
هي تعرف ايضا ان حزب الله بعث اليها - دفعة تحت الحساب - حساب الاقليم.ومغزى الرسالة اعادة خلط الاوراق في المنطقة امام مخطط التقسيم للعراق وسورية وشطر الهلال الشيعي عبر اقتسام اجزاء منه، وانشاء كيان جديد.
هذا المخطط يتم توظيف داعش فيه، بشكل غير مباشر، بحيث تكون سبب التدخل البري، فيما الغاية النهائية اعادة رسم المنطقة، وشطر الهلال الشيعي من منتصفه، عبر ضم غرب العراق وجنوب سورية ومناطق اخرى في كيان جديد.
في كل الحالات فان الحرب البرية مقبلة ولا يمكن تجنبها حتى النهاية، الا في حالة واحدة.حدوث معجزة تقي المنطقة حربا كبرى تؤدي الى حرقها وهي لا تحتمل اساسا هذه الكلفة.
لا يمكن هنا لدول جوار سورية، الا ان تواصل تجنب الحرب البرية، حتى لحظة، يصير فيها التجنب، كارثة، وجوار سورية من تركيا ولبنان والاردن والعراق، كله يخضع لذات الاحتمال.
المفارقة ان داعش هنا تتورط في مهمات استراتيجية في عز تكتيكها، اذ تستمطر التدخل الدولي، لغايات اخرى من بينها اعادة رسم المنطقة وشطر الهلال الشيعي، وتفتيت المنطقة.
تصير داعش هنا، موظفة من حيث تحتسب او لا تحتسب في كل حسابات الاقليم، التي اقلها استدراج دول وازنة مثل تركيا الى المستنقع السوري، وهذا امر قد ينطبق على كل جوار سورية، بلا استثناء.
تبقى كلمة السر في عملية حزب الله المباغتة، فلماذا الان، وماهي الدوافع النهائية، خصوصا، انه لا يعقل ان تكون هكذا عملية لمجرد تحسين السمعة مثلما يظن كثيرون؟!.
الشهور المقبلة صعبة بما تعنيه الكلمة.