أخر الأخبار
وقف النار في غزة ورد «حماس» المضاد
وقف النار في غزة ورد «حماس» المضاد

إنَّ الحكم من خلال التقارير التي تتحدث عن رد «حماس» المضاد لاقتراح السلام المدعوم من الأمم المتحدة، يشير إلى أن إنهاء الحرب في غزة يبدو أبعدَ مما كان عليه في السابق، بل يبدو بعيداً للغاية.

ذكرت سابقاً أن المشكلة الرئيسية في محادثات السلام التي جرت في القاهرة والدوحة، التي استمرت شهوراً، هي أن إسرائيل و«حماس» لديهما أهداف ومصالح متضاربة في الحرب، وهي الدوافع التي لا يمكن التغلب عليها من خلال المراوغات الدبلوماسية.

لا تزال هذه هي القضية الأساسية، ولكن منذ ذلك الحين، كشف الوسطاء في المحادثات عن عرض «حماس» المضاد للمقترح المطروح على الطاولة. لا يمكن بأي حال من الأحوال عدّ هذا العرض جدياً. وفق تصريح وزير الخارجية أنتوني بلينكن، فإن بعض التغييرات التي اقترحتها «حماس»، «قابلة للتطبيق، بينما البعض الآخر غير قابل للتطبيق». على أي حال، فإن كثيراً من هذه المطالب «تتجاوز المواقف التي اتخذتها (حماس) سابقاً وقبِلتها»، مما يثير تساؤلاً حول ما إذا كانت «حماس» تتحرك بحُسن نية من عدمه.

لم يوضح بلينكن شروط عرض «حماس»، ولكن تم تسريبها منذ ذلك الحين إلى كثير من المؤسسات الإخبارية. ووفقاً لتلك التقارير، فإن «حماس» تطرح كثيراً من المطالب التي بدت بوضوح غير معقولة، بغض النظر عن مشاعر المرء تجاه الحرب.

على سبيل المثال، تطالب «حماس» بانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة في اليوم الأول من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وأن تنسحب من «ممر فيلادلفيا»، القريب من الحدود بين مصر وغزة، بحلول اليوم الثالث. وكلا المطلبين يبدو صعباً من الناحية اللوجيستية إن لم يكن مستحيلاً. والأمر الأكثر أهمية هو أن الانسحاب من «ممر فيلادلفيا» من شأنه أن يترك الطريق التي تم من خلالها نقل الأسلحة إلى مسلحي «حماس» من دون حراسة.

كذلك تطالب «حماس» بعدم بقاء أي جندي إسرائيلي في غزة بحلول نهاية المرحلة الأولى (الأولى من ثلاث مراحل) على الرغم من حقيقة مفادها أن إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين سوف يستمر حتى نهاية المرحلة الثانية.

كذلك تريد «حماس» ألا تمنح إسرائيل أي حق في اختيار السجناء الفلسطينيين الذين يمكن إطلاق سراحهم في إطار عملية تبادل الرهائن. (بموجب الخطة التي تدعمها الأمم المتحدة، تستطيع إسرائيل استبعاد بعض السجناء المدانين بتهم القتل أو العنف).

تقترح «حماس» أيضاً أن تتم إعادة إعمار غزة خلال المرحلة الأولى، وليس المرحلة الثالثة، حسبما توصي النسخة الصادرة عن الأمم المتحدة. وهذا الموقف يبدو ساذجاً أو ساخراً، وهو يعني أن إطلاق سراح جميع الرهائن - في نهاية المرحلة الثانية - سوف يتأخر إلى ما بعد إعادة الإعمار. ولم يطرح أحد في أي منتدى دبلوماسي خطة لإعادة الإعمار، لذا فإن هذا الاقتراح يعني أن الرهائن سوف يظلون في قبضة «حماس» إلى أجل غير مسمى.

وأخيراً، تصرّ «حماس» على عدم استئناف الحرب حتى لو ظلّت الخلافات حول المرحلة الثانية من دون حل. أما الخطة التي تدعمها الأمم المتحدة فتتخذ موقفاً معاكساً، فتؤكد أن إسرائيل تستطيع استئناف القتال إذا فشلت «حماس» في التقيد بالتزاماتها.

عدّ المسؤولون الإسرائيليون هذا العرض المضاد «غير قابل للتنفيذ»، وهم على حق في ذلك. فقد حثّ بلينكن «حماس» على التوقف عن «المساومة»، وفي رحلته الأخيرة إلى المنطقة، شجّع نظيريه المصري والقطري على ممارسة مزيد من الضغوط على «حماس» لتنفيذ وقف إطلاق النار ــ وإن بدت «المساومة» وكأنها تعكس مشاكل أعمق. وقال بلينكن أيضاً إنه سيستمر في إرسال مبعوثين لحضور محادثات السلام - وهي الخطوة التي تبقي على الأقل بعض الأمل حياً ونيات إدارة بايدن واضحة.

جرى طرح اقتراح السلام، الذي اقترحت «حماس» تعديله إلى حد الرفض، من قبل إسرائيل، وصقله مفاوضون أميركيون ومصريون وقطريون، ثم جرى تأييده، في تصويت 14 - 0 (مع امتناع روسيا عن التصويت) في مجلس الأمن.

منذ بداية الحرب قبل ثمانية أشهر، ألقى ثلاثة من أصدقائي، وهم جميعاً صحافيون لديهم خلفية واسعة في تغطية الشرق الأوسط، بالمزحة نفسها على مسامعي كل واحد على حدة: «مشكلة الليبراليين هي أنهم يعتقدون أن لكل مشكلة حلاً». (الأصدقاء الثلاثة، إلى حد ما، ليبراليون). لكن عندما يتعلق الأمر بهذه الحرب، يبدو الأمر أبعد من أن يكون مجرد مزحة.