استقبلت كتائب القسام التابعة لحركة حماس اجتماع حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني في مدينة غزة للمرة الاولى منذ الانقلاب بإعلان تعبئة وانضمام الى الكتائب , شبيه بإعلانات التعبئة العامة التي تنشره الجيوش لطلب عناصر جديدة , ولا يمكن المرور عن الاعلان وتوقيته الا بوصفه رسالة الى السلطة والى القيادة السياسية في حركة حماس بأن القسام خارج حسابات المصالحة وخارج حسابات اجراءات الوحدة على الارض الفلسطينية .
رسالة القسام واستقبال رئيس وزراء الحكومة المقالة اسماعيل هنية لرئيس حكومة الوفاق نطقا بشكل الوحدة المقبلة , بانها وحدة كرتونية تؤبد وجود القسام كفصيل مستقل اشبه بنموذج حزب الله على الارض اللبنانية , فالقسام وسلاحه وكوادره خارج منظومة القرار الرسمي وحماس الحركة جزء من السلطة الفلسطينية سواء جلست على مقاعد الحكومة او مقاعد المعارضة .
بالمقابل فإن الدلالة السياسية لشكل الاستقبال في بيت هنية يشيران الى ان غزة اقليم منفصل عن السلطة التي تبسط سيطرتها على الضفة , واقليم غزة الحمساوي يرتبط بعلاقات تمثيل سياسي مرتفع مع السلطة التي ستدير المعابر باشراف مزدوج من العالم ومن القسام على حد سواء , فميزانية الاقليم الكتالوني الفلسطيني ستأتي من الحكومة المركزية فيما تصرف حماس موازنتها على القسام الذي ربما هو من يمنح حماس موازنتها وليس العكس .
الدلالة السياسية ستتلوها دلالة عسكرية ايضا , فسلاح المقاومة سيبقى خارج حسابات السلطة وهذا يشمل كافة الفصائل وليس حماس فقط , لكن الفصائل باستثناء حماس والجهاد الاسلامي منضوية في منظمة التحرير الفلسطينية مما يعني شكلا من اشكال الانضباط لسلاح الفصائل الاخرى ويبقى السؤال سلاح الجهاد وحماس والية ربطه بمشروع التحرير الوطني الفلسطيني بشكل موحد وليس بشكل فصائلي وهو السؤال الابرز في المرحلة المقبلة , حيث يمكن ان يتزامن طلب تعبئة للسلطة مع طلب تعبئة من القسام اي ان هناك دولة داخل الدولة ولم يعد الفلسطيني يرتكن الى ان السلاح الفصائلي موجه للاحتلال بعد ان رأيناه مُشرعا في وجه الفلسطينيين انفسهم في معركة الانقلاب والاغتيالات والتصفيات بين الفصائل وخاصة حركتي حماس وفتح .
المصالحة الفلسطينية بهذا الاطار اقرب الى الهدنة منها الى مفهوم المصالحة والتصالح , حيث يُعيد كل طرف ترتيب اولوياته تمهيدا لانقلاب قادم حيث بات الحسم العسكري هو القادر على انتاج وحدة بين غزة والضفة , فإما ان تحسم فتح وتحالفاتها السلطة في غزة او تنقّض حماس على الضفة وتحسم الامر , بعد ان اثبتت الاجراءات على الارض صعوبة ان لم يكن استحالة قبول الفصيلين بتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع , علما بأن كل ادوات السلطة الفلسطينية التشريعية والتنفيذية انتهى وقتها الدستوري منذ سنوات وشكلت الفرقة الفلسطينية بيئة امنة لكل فصيل كي يستفرد بالارض التي يمارس عليها سلطته .
الافعال التي رافقت زيارة حكومة الوفاق الى غزة تقلل من فرص التفاؤل بالحل السياسي الداخلي بين الفصائل الفلسطينية , والاجندات الخارجية المؤثرة على الحالة الفلسطينية تحمل تناقضات اكبر واعمق من تنافضات الحالة الفلسطينية الداخلية ومحصلة جمع الداخل مع الخارج تُشير الى ان الهدنة التي حملت اسم المصالحة لن تستمر طويلا وربما ستنكشف اسرع مما يتأمل الفصيلان الرئيسان في المعادلة , خاصة وان الاجندات الخارجية التي تحرك معادلات الوحدة غير متفقة فثمة تناقض بين المحور القطري التركي مع المحور الايراني هذا بخصوص معادلة حماس الخارجية وهذا ما كشفه اعلان التعبئة لكتائب القسام المدعومة من ايران وحزب الله , ولا يبدو الحال افضل داخل المحور الخارجي الداعم للسلطة رغم تماسك الموقف المصري السعودي نسبيا لانه محكوم بالموقف الاسرائيلي الرافض لتقديم اي تنازل لصالح تثبيت اركان الدولة الفلسطينية مدعوما هذا الموقف برخاوة الموقف الامريكي ضد اجراءات اسرائيل على الارض الفلسطينية .