منذ القديم وحتى اليوم، ثمة ارتباطٌ بين السياسة والأزياء والفاشن، بوصف الأخيرة تعبيراً مكثفاً عن رسائل سياسية وثقافية.
كانَ اللون الأسود شعاراً معروفاً للدولة العباسية، وكبار موظفيها، وعساكرها، وكان يقال للعباسيين «المسودة»، ويقال إن اللون الأبيض كان يقوم بنفس الوظيفة بالنسبة للأمويين، والأخضر بالنسبة لبعض العلويين الذين نجحوا في تحقيق سلطة ما. في العصر الحديث، الصليب المعقوف والتحية الهتلرية بالذراع الممدودة شعار شهير للنازية، كما بدلة ماو وستالين وقبعة غيفارا علامات شيوعية سياسية خالدة... والقمصان العارية من ربطة العنق مع لبس الجاكيت علامة إيرانية خمينية بامتياز. في أميركا نفسها اللون الأزرق رمز للديمقراطيين والأحمر للجمهوريين. أحدث وافد على حلبة الموضة السياسية هو ضمادة أذن الرئيس والمرشح الجمهوري دونالد ترمب.
الأخير كما نعلم نجا من الطلقات القاتلة بمعجزة، واحدة منهن «شرمت» طرف أذنه، وبعدها وضع له طبيبه ضمادة بيضاء خاصة. وتضامناً مع ترمب أصبحت ضمادات الأذن من الأكسسوارات اليومية للجمهوريين.
لقد ألهمت هذه الضمادة الكبيرة المؤيدين الذين تجمعوا في ميلووكي لاختياره مرشحاً للحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).
جو نيليا، مندوب أريزونا، قال لشبكة «سي بي إس نيوز»: «سيضع كل شخص في العالم هذه الضمادة قريباً جداً».
في تحقيق سابق قامت به الزميلة جميلة حلفيشي بهذه الجريدة، ذكر أندرو بولتون أمين متحف المتروبوليتان للفنون بنيويورك، أنَّ «الموضة مرآة تعكس أحداث العصر. المصممون لا يصنعون أزياء أنيقة فحسب، بل هم ناشطون مؤثرون من الناحية السياسية بشكل غير مباشر».
مصمم دار «لويس فويتون» فيرجيل أبلو، ومؤسس ماركة «أوف وايت»، أكَّد في ذات التحقيق أنَّ السياسة لم تعد اهتماماً ثانوياً في حياة الناس، «بل هي جزء من ديناميكية نعيشها بشكل يومي... فهي تحاصرنا من كل صوب بدءاً من هواتفنا المحمولة إلى ثقافة الشارع، ما جعل أزياءنا هي الأخرى سياسية». أقول على سبيل الهامش على الكلام السابق: لاحظ تحويل ألوان قوس قزح، إلى شعار للحركة المثلية الجنسية العالمية.
وبعد، فهكذا تصنع الأساطير، وهكذا يعبر المؤمنون بها عن انتمائهم لهذه الأفكار الكبرى.