حتى قبل العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة كانت حماس في حالة لا تحسد عليها هي الأسوأ منذ تأسيسها. فقد خسرت سوريا وإيران عندما أخذت موقفاً ضد النظام السوري ، باعتبار أن الإخوان المسلمين في سوريا ، هم الذين أشعلوا شرارتها الأولى قبل أن تتولى المهمة منظمات إرهابية أخرى كداعش والنصرة وعشرات التنظيمات المدعومة من تركيا وبعض دول الخليج. وكانت سوريا وإيران – كما هو معروف–المصدر الرئيسي لدعم حماس بجميع الوسائل.
أما انتماء حماس للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين ، فقد انقلب من مصدر قوة إلى نقطة ضعف وعبء سياسي ، وخاصة عندما سقط حكم الإخوان المسلمين في مصر ، وتم عزل محمد مرسي ، وبرز خصم قوي للإخوان هو الجنرال عبد الفتاح السيسي.
ارتكبت حماس غلطة العمر عندما تدخلت في الشأن المصري ، فانحازت إلى الرئيس المعزول ، وسيرت المظاهرات ضد (الانقلاب) ورفعت شعارات رابعة ، فدفعت الثمن الباهظ عندما ردت مصر بإغلاق معبر رفح وتدمير الأنفاق التي كانت تصل غزة بسيناء ، مما ألحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الغزي.
تحت هذه الظروف الخانقة اضطرت حماس لقبول التصالح مع فتح والسلطة الفلسطينية ، وتم –نظرياً على الأقل- إعادة توحيد الضفة والقطاع بزعامة فتح والسلطة الفلسطينية ، وتشكيل حكومة وفاق وطني وزراؤها من التكنوقراط يرأسها عملياً وشرعياً الرئيس محمود عباس ، ولكن حماس ما زالت تماطل في تسليم مقاليد الحكم في القطاع إلى الحكومة الجديدة.
إذا لم يكن هـذا كافياً فقد تورطت حماس في حرب غير متكافئة مع إسرائيل ، ورفضت المبادرة المصرية الاولى لوقف إطلاق النار والتفاوض ، مما سمح لإسرائيل أن تستكمل ما بدأت به من تدمير القطاع ، وقتل أكثر من ألفي مواطن معظمهم من المدنيين ، وهدم 17 ألف منزل ، وتدمير معظم الأنفاق التي كانت تصل غزة بإسرائيل ، وتشريد أكثر من نصف السكان.
ليس أمام حماس في الوقت الحاضر أية خيارات سوى التخلي عن طموحاتها بحكم القطاع ، والاعتراف بأن السلطة الوطنية تستطيع أن تعطي شعب غزة ظروفاً معيشية أفضل.
فيما عدا الجانب العسكري والصراع المباشر مع إسرائيل فإن الإخوان المسلمين في الأردن يجدون أنفسهم في نفس ضعف وعزلة حماس سياسياً ولكنهم ما زالوا في حالة إنكار للواقع.