تقول أميركا وأوروبا: إعادة إعمار غزّة!!.
فنردّد وراءهما كمسلوبي الإرادة!!. لماذا إعادة الإعمار هذه؟
- إنها تعني إعادة المخيمات، وبيوت اللبن والتنك على طفح المجاري، وأسلاك الكهرباء القادمة من إسرائيل.
- لماذا لا نقول إعمار غزة.. الجزء المُدمّر من دولة فلسطين، والوطن الفلسطيني، فغزّة كانت خرابة بعد ثلاثة حروب في ست سنوات.
- وهل نجتمع في القاهرة من أجل أربعة مليارات دولار نعرف كلنا أنها لن تُدفع؟!.. أنا أعرف فلسطينيين اثنين يملكان أكثر من أربعة مليارات، فلماذا لا نستنفر أولاً لاجئي العالم الذين خرجوا من غزة للعودة إليها؟! إذن كيف نتصوّر شعار العودة الذي نرفعه؟!.
أصدقاؤنا العارفون بالشأن الفلسطيني يقولون: حين عاد أبو عمار بعد أوسلو إلى الوطن عاد معه ربع مليون كادر فلسطيني فلماذا لا يعود الرئيس عباس ومجلس الوزراء الجديد وآلاف الغزيين لإعمار غزة؟!
الذين تابعوا تاريخ نشوء إسرائيل يعرفون أن آلاف الرجال والنساء من حملة الدكتوراه والماجستير قبلوا الحياة في المستوطنات الزراعية في فلسطين. وحولوها إلى مدن، وقبل ذلك إلى قلاع عسكرية!!. فصانعو الكيان الصهيوني ليسوا أولئك الذين يصدقون خرافات «الأرض الموعودة» التوراتية، وإنما هم حملة مشروع استيطاني.. تماماً كآلاف الأوروبيين الذين استوطنوا جنوب إفريقيا وانشأوا فيها وطناً لهم.. والذين استوطنوا أميركا وجعلوا منها الولايات المتحدة، والبرازيل والأرجنتين!!َ.
لم يخرج الفلسطيني عام 48 للبحث عن وطن يستعمره ويستوطنه، وإنما خرج لأنه خائف على حياته، وعلى أطفاله، وعلى عِرضه. وحين توفرت له الاقامة في وطن العرب تحوّل دون أن يدري إلى باحث عن وطن.. فتحول بالتالي الى سلعة سياسية!!. ومع أن حرب 67 ادت الى هجرة أكبر.. فإننا في الوقت ذاته كنا نرى فلسطينيي الجليل والمثلث والنقب متمسكون بوطنهم وبأرضهم، وكنّا، ويا للعار، نتهمهم بالعمالة لإسرائيل.. ولم نعرف إلا متأخرين أنهم الأبطال الصامدون، وانهم أكثر وطنية من الجميع!!.
لم تفت الفرصة. فلا شيء يمنع عودة المال الفلسطيني وآلاف الغزيين إلى غزة لبناء جزء غالٍ من دولة فلسطين، فإسرائيل ليست واقفة على كل المعابر.. وإذا نجحت السلطة الوطنية في إعادة الميناء والمطار.. فالطريق مفتوح!!.
إسرائيل، رغم كل عنتريات نتنياهو وأحزاب البلطجية، لا تشعر أنها انتصرت، وها هي تتلقى الضربات فاعتراف السويد بدولة فلسطين، ستتبعه فرنسا، وقد وافق مجلس العموم البريطاني بأكثرية ساحقة على الاعتراف بدولة فلسطين مع أن التصويت غير ملزم للحكومة.. ونلاحظ أن أزمة إسرائيل الحالية تجد لها متنفسات مضحكة وعاجزة: منها تجمعات قطعان المستوطنين في ساحات المسجد الأقصى.. وهذه مظاهر الهائية.. فالمسجد صمد مئتي عام في وجه الفرنجة الصليبيين!!.