الامر الوحيد الذي يشجع اسرائيل على التمادي في انتهاكاتها واعتداءاتها على الفلسطينيين، ان جرائمها تمر بدون محاسبة بدليل ان حربها الاجرامية على غزة، لم تحصل حتى على المستوى الذي وصلت اليه اعتداءاتها على غزة قبل نحو عامين، حينها صدر على الاقل تقرير غولدستون، الذي افضى الى ادانة الكيان المحتل، وملاحقة جنوده وسياسييه، ولا ننسى يوم فرت وزيرة الحرب الاسرائيلية تسيبي ليفني في طريقها الى لندن بعد ان وصلها تحذير بتوقيفها لوجود دعوى قضائية ضدها في المحاكم البريطانية.
اسرائيل الحقت اضرارا فادحة وجسيمة بالارواح والممتلكات في غزة ومارست القتل المقصود، وهو ما يعتبر جرائم ضد الانسانية وابادة جماعية، يُحاسب عليها قانونيا وقضائيا، حتى لجان تقصي الحقائق التي شكلت في خضم الاعتداءات السابقة لم نرها في الحرب الاخيرة على غزة،او بعدها، المحكمة الجنائية الدولية لم تتحرك بهذا الخصوص بحجة ان اسرائيل غير موقعة على ميثاقها، مع ان السودان دولة غير موقعة الا ان المحكمة حركت دعوى ضد الرئيس السوداني حسن البشير ولا زالت تلاحقه حتى اللحظة.
اليوم تعتدي اسرائيل على المصلين العزل في قلب المسجد الاقصى، ولا تجد من يوقفها عن هذه الجرائم،لانها تعتبر نفسها دولة فوق القانون، وما افلات قادة الاحتلال وعسكرييه من المحاسبة على هذه الجرائم الا تفويض مفتوح لارتكاب المزيد من الجرائم وقتل المواطنين الفلسطينيين العزل بدم بارد، والمسألة واضحة لا لبس فيها، فاسرائيل دولة محتلة للضفة الغربية وقطاع غزة منذ عقود طويلة، ومن حق الشعب الفلسطيني ان يقاوم أطول احتلال في التاريخ.
لكن كيف يمكننا ملاحقة قادة الكيان المحتل، رغم الظروف والاوضاع الاقليمية التي لا تخدم قضايانا؟
بما ان اغلبية جنود الاحتلال وقادته يحملون جنسيات اخرى غير الجنسية الاسرائيلية، يمكن للجمعيات الحقوقية العربية والنقابات والمنظمات التي تهتم بحقوق الانسان، كما تقول، ان تتقدم بدعاوى ضد هؤلاء الجنود والقادة فرادى وجماعات بعد تقديم الادلة والبراهين والوثائق على مشاركتهم بجرائم ابادة، وبما يمكن من اصدار مذكرات ملاحقة قضائية كما حصل عندما هربت وزيرة الحرب الاسرائيلية تسيبي ليفني اثناء توجهها الى لندن، قبل تنفيذ أمر الاعتقال، بحكم أنها مسؤولة عن ارتكاب مجازر في غزة.
يمتلك العرب أدوات لا تستخدم الا في نطاق ضيق داخل المجتمعات الغربية، من خلال جماعات الضغط العربية والمسلمة والمسيحية، لاستخدامها عند الحاجة ضد سياسات الكيان المحتل، وتشكيل عوامل ضغط على حكومات بلادها لدفعها لاتخاذ مواقف أكثر جرأة، هناك مدن اوروبية اكثر من نصف سكانها من المسلمين والمسيحيين، وقد لاحظنا خلال العدوان الاسرائيلي الاخير استقالة وزيرة مسلمة من الحكومة البريطانية، نتيجة لموقف بلادها من الحرب على غزة، ولا اعتقد ان قرار مجلس العموم البريطاني الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 67 قبل ايام ببعيد عن تداعيات هذه الاستقالة.
للاعلام دور فاعل ومؤثر بالتذكير بالجرائم التي ترتكبها اسرائيل ضد الفلسطينيين، وعدم طي الصفحة بحكم مرور الزمن، وهو ما يحدث حاليا للاسف، حينما تضع الحرب اوزارها ينشغل الاعلام العربي باعادة الاعمار والخلافات الداخلية وينسى الجرائم المرتكبة وجمع الدلائل وتوثيقها ومتابعتها قضائيا وحقوقيا، خصوصا وان القانون الدولي لا يحمي مجرمي الحرب الجنائيين.
اللجوء الى الجمعية العمومية للامم المتحدة لدفع مجلس الامن للتحرك تجاه الملاحقة الجنائية للقادة الاسرائيليين، وتشكيل محاكم خاصة لملاحقة مجرمي الحرب، وطبقاً لقرار الاتحاد من أجل السلم الذي وافقت عليه الجمعية العامة نهايات عام 1950، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة تتخذ إجراء إذا فشل مجلس الأمن بسبب عدم إجماع أعضائه الدائمين في اتخاذ إجراء في حالة وجود تهديد للسلم الدولي، أو إخلال بالسلم أو ارتكاب أعمال عدوان، فالجمعية العامة تملك سلطة إصدار توصيات إلى الأعضاء بشأن تدابير جماعية، وتشمل حالة الإخلال بالسلم أو وقوع العدوان، استخدام القوة المسلحة لحفظ أو إعادة السلم والأمن الدولي.
ايجاد ارادة سياسية حقيقية بملاحقة اسرائيل من خلال انضمام فلسطين الى المحكمة الجنائية الدولية، لتكون وسيلة ضغط على اسرائيل لعدم اعتداءها مجددا على الشعب الفلسطيني، خصوصا وان الفلسطينيين لا يمكنهم الاستفادة من شرعة المحكمة الجنائية الدولية الا بعد مرور شهرين على الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية (اتفاق روما)، علما ان الاردن وتونس وجيبوتي هي الدول العربية الوحيدة المصادقة على قانون المحكمة، اضافة الى 119 دولة اخرى صادقت عليه.