أخر الأخبار
الملك يحصد ثمار صبره وحراكه في أوروبا
الملك يحصد ثمار صبره وحراكه في أوروبا

 شك ان اعلان السويد عن توجهها للاعتراف بالدولة الفلسطينية وتعدد دعوات الاسراع في قيامها من لندن وباريس وروما يثير السؤال عن اسباب هذا التحول السياسي في المزاج الاوروبي.
فهل اكتشف البريطانيون جديدا حتى يصوت ممثلوهم في مجلس العموم باغلبية ساحقة على ان يكون للفلسطينيين دولة؟. واي قناعة تولدت لدى وزيري خارجية فرنسا وايطاليا لمطالبة حكومة بلديهما لاعلان الاعتراف رسميا بالوطن الفلسطيني؟. وما هو تأثير هذا التوجه على مستقبل المنطقة العربية لا سيما شرقها المشتعل بالدم والعنف والحروب؟.
قول سفير بريطانيا في اسرائيل ماثيوغولد بان الشعب البريطاني اصبح مؤمنا بقيام دولة فلسطين الى جانب اسرائيل والتعايش السلمي بينهما وان هذا سيكون له وقعه مستقبلا على صانع القرار في بلاده، له دلالاته التي جعلت الحكومة البريطانية تكتفي بالقول انها صاحبة الولاية في اعلان هذا الاعتراف دون رفض نتائج تصويت مجلس العموم او تأييده.
ولم يخف السفير البريطاني بان هذا التحول في المزاج الشعبي البريطاني سببه الاحداث التي عصفت بالمنطقة العربية خلال السنوات الماضية والعدوان الاخير على غزة التي انقلب فيها السحر على الساحر.
فالمخطط الاسرائيلي من قتله للابرياء من اهل القطاع لم يؤتى اكله، وعدوانه اعطى للمقاومة الشرعية في الدفاع عن غزة، وفشل جيش الاحتلال عسكريا على الارض، جعل الغرب يشعر انه ليس بعيدا عن الخطر.
وبعودة تركيا الى المشهد وسطوع ارهاب تنظيم داعش في العراق وسوريا، واتهام الاولى في دعم الثاني للسيطرة على النفط في كركوك وشرائه بسعر لا يتجاوز ثلث سعره العالمي، بات الاتحاد الاوروبي على يقين بانه على ابواب مواجهة خطر ممزوج بالعنف والقتل من حدوده الشرقية وان درء هذا المخطط يبدأ بسحب ورقة القضية الفلسطينية من الجميع ومنحها لاصحابها الحقيقيين من خلال منحهم دولتهم المستقلة.
وتمدد التنظيمات المسلحة ذات الطابع الديني وكذلك اتباع ايران في المنطقة له ابعاده الامنية على اوروبا التي تعي الان انها ايضا على مرمى النار، وحماية لامنها القومي وجدت دول اوروبية في سياسة الاعتدال التي حملها جلالة الملك عبدالله الثاني الى هذه القارة حلا ناجعا لعلاج صداعها وارقها، لما تحمله هذه السياسة من حل جذري لاجتثاث العنف والارهاب واحلال السلام بمنح الفلسطينيين دولتهم المستقلة القابلة للحياة.
فما اقدم عليه مجلس العموم البريطاني والسويد ومسؤولون في فرنسا وايطاليا كان اكبر من صفعة سياسية لاسرائيل التي بات سلوكها في عملية السلام مرفوضا وغير مقبول لما ترتكبه من جرائم ضد الفلسطينيين بقصد ايهام العالم بانه لا يوجد شريك للتفاوض معها.
ان ما كاشف به الملك عبدالله الثاني المجتمع الدولي في الامم المتحدة وتقديم السلطة الفلسطينية خطة الى مجلس الامن الدولي من خلال الاردن وبدعم عربي لانهاء الاحتلال الاسرائيلي كان له وقعه على حكومات وشعوب اوروبية، اجتاحها غضب عارم اثناء القتل المجاني الاسرائيلي للشعب الفلسطيني في غزة. كما ان فشل امتداد مخطط اثارة الفوضى تحت يافطة « الربيع العربي « وسقوطه في الاردن وانتشال مصر منه ومنعه من الوصول الى دول الخليج ومحاصرته في البحرين واعادة تشكيل محور الاعتدال ودب الروح فيه وثبات الدبلوماسية الاردنية على رؤيتها لوقف كل ما يجري من اراقة للدماء، شكلت عواملا رئيسية لدخول ساسة اوروبا وغيرها في عصف ذهني لتحديد مسارات حماية امنهم القومي الذي سيدخل مستقبلا دائرة الخطر.
اما اردنيا، فما قرره مجلس العموم البريطاني واعلنته السويد وكل الاصوات الاوروبية التي تنادي بقيام الدولة الفلسطينية على اقصى سرعة، هو بمثابة انتصار لسياسة عمان وديبلوماسيتها التي واجهت واحبطت كل المؤامرات الاسرائيلية ومخططاتها لاخماد صوتها وحراكها في المجتمع الدولي من اجل احقاق الحق وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية في فلسطين.
واعتراف الشعب البريطاني والسويدي بفلسطين وضغط مسؤولين اوروبيين على دولهم للمضي في هذا الطريق فيه ايضا حماية للامن القومي الاردني واغلاق للطريق امام صناع القرار الاسرائيلي لمواصلة ترويج مخططهم العنصري بان يكون الاردن وطنا بديلا للفلسطينيين.
اوراق التوت سقطت، واللعب بات على المكشوف.. والدولة الفلسطينية قادمة اذا كانت النية الدولية صادقة بمكافحة الارهاب والعنف في المنطقة.