في التدقيق في اسلوب العملية الارهابية التي وقعت يوم الجمعة في منطقة الشيخ زويد في سيناء ، نجد ان اسلوب التنفيذ كان احترافيا لدرجة كبيرة ، فالعملية ليست عمل هواة او مجرد ارهابيين يريدون الانتقام او التخريب فقط ، واذا ما اضفنا لهذه الاحترافية العالية التي تدلل على ان منفذي العملية اصحاب خبرة في هكذا اعمال ربما اكتسبوها في سوريا او العراق او افغانستان ، اذا ما اضفنا لذلك التهديدات المسبقة لجماعة الاخوان في مصر للدولة المصرية وكذلك تهديدات من يطلقون على انفسهم « انصار بيت المقدس « تصبح الجهة المنفذة معروفة ومحددة بشكل واضح ، ولكن من هي الجهة او الجهات الراعية لهذا الارهاب الذي يستثمر في الاسلام السياسي وبخاصة في مصر ؟؟
من يدعمون الاخوان في مصر وارهابهم هي دول مهمة في المنطقة ، والمسؤولون المصريون يوجهون الاتهامات لهذه الدول علنا وفي وسائل الاعلام ولكن السؤال ماذا تريد هذه الدول ؟
المسالة في جوهرها ليس ثأراً من مصر وشعبها لاسقاط حكم الاخوان رغم ان هذه المسالة هي ضمن حسابات تلك الدول ، لكن الهدف الاساسي البعيد المدى يتمثل في اضعاف الدولة المصرية من خلال زعزعة الاستقرار فيها ، وتحويلها الى حالة شبيهة بالحالة العراقية او السورية ، فمصر القوية والمستقرة تقف حجر عثرة في وجه مخطط تلك الدول في الاقليم والمتمثل في توسيع نفوذها على حساب الدول العربية واتباعها لها سياسيا واقتصاديا ، فبعد اضعاف العراق للحد الذي وصل اليه الان ، وبعد تدمير سوريا واغراقها بالدماء واخراجها تماما من معادلة الامن القومي العربي ، ياتي الدور على مصر التي من المفترض انها كانت قد دخلت مرحلة الاضعاف في ظل حكم الاخوان الذي اسقطته الانتفاضة الجماهيرية للشعب المصري بالتناغم مع المؤسسة العسكرية.
مصر في الحسابات الاستراتيجية لتلك الدول تمثل خط الدفاع الأقوى عن منظومة الاعتدال العربية الممثلة بدول الخليج العربية والاردن ، وبالتالي تدرك انها عندما تتهاوى مصر او تقع فريسة الفوضى الامنية فان الطريق امام هذه الدول للسيطرة علي الاقليم مسالة وقت ليس اكثر.
التنظيم العالمي للاخوان المسلمين المدعوم من دول هذا المخطط يدرك ذلك ويساهم في تنفيذ المخطط لاعتقاده انه كتنظيم هو الرابح في نهاية المطاف ، خاصة انه تنظيم عابر للاوطان وليس تنظيما وطنيا ، ولا ينظر للقضايا الوطنية الا من باب مصلحة التنظيم الدولي واهدافه الاستراتيجية.
ليست مصادفة علي الاطلاق ان تأتي تفجيرات سيناء الارهابية والتصعيد الارهابي في معظم المحافظات المصرية متزامنة مع التصعيد الاسرائيلي غير المسبوق ضد المسجد الاقصى وابناء القدس المحتلة بالاضافة الى تزايد ضراوة الهجمات التي يشنها تنظيم داعش في العراق وفي سوريا وتحديدا ضد «مدينة كوباني الكردية السورية» ، فلو دققنا النظر في مثلث الاحداث هذا لوجدنا ان هناك ثلاثة اطراف اقليمية مستفيدة من نهش هذا الجسد العربي ، انها اسرائيل وتركيا وايران ، ولوجدنا ان الثلاثة اطراف ليس لها مصلحة في تعافي الحالة العربية من دمامل واورام ما سمي « بالربيع العربي « والفوضى الضارية التي خلفها هذا «الربيع».