كما كان يجري في نظام بريتوريا العنصري في جنوب افريقيا يبرز الآن في صحافة إسرائيل مشكل منع العمال الفلسطينيين، الذين يعملون في اسرائيل ويعودون الى بيتهم من ركوب الحافلات التي تقل اليهود.
السبب المعلن الان هو ان لهؤلاء العمال رائحة، لان ثيابهم ملطخة بالالوان والزيوت، لكن الذين يتابعون الحياة التي تتجه بسرعة للمزيد من التطرف والعنصرية في اسرائيل، يدركون ان هذا السلوك المشين الذي يستطيع واحد مثل يعلون ان يتخذه، انما هو سلوك مشابه لسلوك البيض في جنوب افريقيا وفي ولاية الاباما الاميركية.. سلوك العنصرية!.
لقد تنبه العالم مبكرا الى هذه السلوكية ذات الاصول النازية والترهات الدينية التي تجعل من اليهود شعب الله المختار، فأصدرت الجمعية العمومية للامم المتحدة في 19 كانون الاول 1975 قرارها «بأنّ الصهيونية هي شكل من اشكال العنصرية، والاضطهاد العنصري»!!، ثم جاءت قمة عدم الانحياز التي انعقدت في كوبا فجعلت من الصهيونية نازية يهودية، واكدت كل ذلك لجنة حقوق الانسان التابعة للجمعية العمومية للامم المتحدة فتبنى القرارات كلها!.
وطبعاً لم يغامر احد لا العرب ولا السوفيات (كان موقفهم مميزاً) ولا دول عدم الانحياز باخذ قرار الجمعية العمومية (وهو توصية وليس قرارا) الى مجلس الامن لان الجميع يعرف انه سيواجه بالفيتو اياه!.
وموضوع منع العمال الفلسطينيين من ركوب الحافلات مع اليهود في القدس، تذكرنا ايضا، بدعوتنا الى لحس كل الجهد الذي بذلناه مع السوفيات وعدم الانحياز وبطلبنا نحن الغاء وصم الصهيونية بالعنصرية.. حين اعتقدنا اننا وصلنا..الى السلام!!.
«انبرطنا» كما يقول الفلاحون، ودعونا العالم الى غسل الصهيونية من العنصرية، واتحنا بالتالي لاسرائيل تكسير ايدي الفلسطينيين، وطردهم، والتفظيع فيهم تحت اسم «مكافحة الإرهاب»، ونسينا أن فلسطين كلها محتلة، وأن شعب فلسطين يعاني تحت أفظع أنواع العنصرية!.
.. وحتى الآن، ورغم كل الفصاحة الدبلوماسية العربية ما يزال الفصل الرابع من ميثاق حقوق الانسان لا ينطبق على فلسطين.. لان (وهذا هو العجب العجاب).. لان فلسطين غير محتلة.. وانما هي ارض متنازع عليها!.
ما نسمعه من تهديدات محمود عباس باللجوء الى عضوية فلسطين في المنظمات الدولية، فاقدة لانيابها ومخالبها، لاننا تنازلنا عن قرار الصهيونية العنصرية وعن تثبيت ذلك بلجنة حقوق الانسان، فقد كنا عام 1975 اقرب الى طرد اسرائيل من الامم المتحدة.. والان يقف العمال العرب خارج الحافلات «لأن لهم رائحة ولأن ثيابهم ملوثة بالألوان والزيوت»، تماماً كما تقف فلسطين خارج الاعتراف الدولي!.