يتعامل العرب والمسلمون مع الاقصى بشكل انتقائي، باعتباره مسجدا مقدسا وله مكانته، تارة، وباعتباره موقعا سياحيا واثريا في حالات اخرى.
في حالات الاستقرار يكون الاقصى ملكا للعرب والمسلمين،وحين تهب عليه العاصفة، يهرب الجميع، ويصير الاقصى فلسطينيا على اصحابه ان ينقذوه، اصحابه فقط، باعتباره شركة محلية فيها مساهمون ومدراء، وهم اولى بمالهم وممتلكاتهم !.
هذا انفصام يعبر عن جبن ، لان الاقصى لايصح التعامل معه بشكل مزاجي، وبهذه الازدواجية، فإذا كانت الامور في القدس ساكنة وهادئة، تغنى كل العرب والمسلمين بالاقصى، باعتباره للجميع.
اذا احدقت الاخطار بالاقصى، يختفي الجميع، ويصير الاقصى فلسطينيا، مطلوب فقط من الشعب الفلسطيني حمايته، باعتباره لهم وعندهم، ورمزا لهم ايضا. بعض العرب ايضا يكرهون الفلسطيني لاي سبب تافه ، فيتمنون ان يتم هدم الاقصى، او لايؤرقهم الاقصى باعتبار ان كراهية الفلسطيني يجوز مدها الى الاقصى.
هذه حالة مؤلمة جدا، لان الاقصى مطلوب من العرب والمسلمين، واحدا واحدا، احببتم الفلسطيني او كرهتموه، فهذا عائد لكم، فالاقصى بيت الله، ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم، واولى القبلتين، وأمانة في كل عنق.
اذا كان قدر الفلسطيني ان تكون بلاده رمزا لمقدسات اسلامية ومسيحية، من الاقصى الى كنيستي القيامة والمهد، وغير ذلك من مواقع، فهذا هو قدره، ونصيبه.
لايعني هذا القدر ان ننزع الصفة العروبية والانسانية الاسلامية والمسيحية عن بعض المقدسات، من باب التنصل من المسؤولية، تحت عنوان ان هذه مواقع وطنية محلية لها اصحابها، وهم اولى بها في هذا الزمن.
مثير جدا، حد العجز عن الرد، ان يدعي الكل من عرب ومسلمين، ان الاقصى عزيز باعتباره القبلة الاولى، لكنهم عند الكلفة والمواجهة والدم يتحول الى رمز فلسطيني، مطلوب من الفلسطيني الدفاع عنه باعتباره رمزا وطنيا فلسطينيا.
من سيحمي الاقصى من الفلسطينيين اذا كان هؤلاء ضعافا و كل العرب والمسلمين لايدفعون غرامة بيت في القدس، ولا راتبا لمقدسي حتى يبقى، ولاضريبة عن متجر، ولافاتورة مستشفى مثل المقاصد؟!.
لو كانوا يريدون بقاء الاقصى حقا، لما تركوا سواره الشعبي ضعيفا منهكا، وحيدا في هذه المواجهة، معتقدين ان صاحب البيت اولى بالبيت، متناسين ان هذا بيت الله، قبل الفلسطيني، وبعده، ومطلوب من كل هذه الامة بلا استثناء.