مشروع الموازنة العامة لسنة 2015 ، الذي قدمته الحكومة إلى مجلس النواب ، يمثل خطوة واسعة إلى الأمام في مجال الإصلاح المالي.
ارتفعت تقديرات الإيرادات المحلية لسنة 2015 بنسبة 9% عما هي عليه في سنة 2014 ، منها 4ر2% تعود إلى التضخم ، و4% تعود إلى النمو الاقتصادي العام ، و6ر2% تعود إلى قانون ضريبة الدخل الجديد وتحسن وسائل التحصيل.
وبقيت المنح الخارجية بقرب مستواها المقدر للسنة الحالية ، فليس هناك سبب للمبالغة في تقدير منح قد لا تتحقق.
أما في جانب النفقات الجارية فقد اقتصرت الزيادة على 9ر2% تمثل الزيادات السنوية المقدرة للموظفين ورواتب الموظفين الجدد في وزارتي الصحة والتربية. وفيما عدا ذلك فإن الإنفاق العام في السنة القادمة سوف يجمد عند مستوى السنة الحالية بدون نمو ، مما يعطي الموازنة صفة التقشف.
وإذا كان التوفير في النفقات الجارية محموداً ، فإن الزيادة في النفقات الرأسمالية محمودة أيضاً ، لأن المفروض أنها ترفع نسبة النمو وتخلق فرص عمل. ومن هنا ُسمح للنفقات الرأسمالية بالارتفاع بنسبة 3ر5% عما ستصل إليه في 2014.
بذلك يكون مجموع الإنفاق العام الكلي في الموازنة المركزية قد بلغ 8096 مليون دينار ، بزيادة قدرها 2ر3% عما هو في السنة الحالية ، مقابل نمو إجمالي الإيرادات والمنح بنسبة أعلى هي 9ر6% ، الأمر الذي انعكس في الموازنة بشكل تخفيض هام للعجز قبل المنح وبعدها.
يقتصر العجز في الموازنة المركزية على 688 مليون دينار ، تعادل أقل من 6ر2% من الناتج المحلي الإجمالي ، وهي نسبة مقبولة. وحتى لو أضفنا عجز الوحدات الحكومية المستقلة فإن العجز الكلي سيكون في حدود 900 مليون دينار أو 4ر3% من الناتج المحلي الإجمالي ، وهي نتيجة ممتازة لولا أن هذه الأرقام لا تشتمل على كلفة دعم شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه ، التي من المؤكد أنها ستنخفض هذه السنة بالاقتراب خطوة أخرى من هدف تغطية الكلفة.
إذا تم الالتزام بأرقام هذه الموازنة وتحققت تقديراتها ، فإن مؤشر الاكتفاء الذاتي يكون قد ارتفع من 5ر85% هذه السنة إلى 7ر90% في السنة القادمة ، وهي خطوة واسعة باتجاه الرقم المستهدف وهو 100%.
رد الملكية الأردنية
على د. فهد الفانك
عطوفة الأستاذ سمير الحياري المحترم
رئيس تحرير جريدة الرأي
تحية طيبة وبعد،
بالإشارة إلى مقالة الدكتور فهد الفانك التي نشرت يوم الثلاثاء الرابع من تشرين الثاني 2014 في الرأي الغراء، بعنوان « وضع الملكية في حضن الضمان « ، فإنني أرجو التكرم بنشر الرد التالي من الملكية الأردنية على ما جاء في مقالة الدكتور الفانك، والذي نكنُ له جميعاً في الملكية الأردنية كل الإحترام والتقدير باعتبارهِ زميل سابق ومحلل إقتصادي بارز نعتزُ بدورهِ التنويري الرائد في مجال الإعلام عبر السنين .
أولاً: مما يؤسفُ لهُ أن المقالة في مجملها جانبت الصواب ونأتْ عن الحقيقة من حيث التسرع في إطلاق الأحكام والإفتراضات غير الواقعية حول تعيين الحكومة لمعالي سليمان الحافظ عضواً في مجلس إدارة الملكية الأردنية والإفتراض بأن إنتخابه رئيساً للمجلس ما جاء إلا لسبب أنهُ رئيس لصندوق إستثمار الضمان الإجتماعي .. !! .
لقد غفل الدكتور الفانك عن حقيقة أن الخبرات المتراكمة لمعالي السيد الحافظ في المجالات المالية والإقتصادية ترجع لـ 45 عاماً، وهي معروفة لديه ولدى الجميع، مضافاً إليها عملهُ في عضوية مجلس إدارة الملكية الأردنية لمدة ثماني سنوات، وهي طبيعة الخبرات التي تحتاجها الشركة في هذه المرحلة التي تواجه فيها تحديات مالية عازمة على تجاوزها، وبما يتطلبهُ ذلك من عمليات لازمة لإعادة الهيكلة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن دور رئيس مجلس الإدارة عموماً ـ وكما لا يَخفى ـ لا يتطلب أن يكون شاغله صاحب تخصص دقيق في مجال عمل الشركة التي يرأسها، لكن هذا متطلبٌ سابق لوظيفة المدير العام ، ولهذا إختار مجلس إدارة الملكية الأردنية مؤخراً الكابتن هيثم مستو وهو قائد طائرة يمتلك خبرة فنية وإدارية في قطاع الطيران عمرها 33 عاماً لشغل وظيفة المدير العام والرئيس التنفيذي للشركة .
ثانياً : من الواضح ـ بل المستغرب ـ في الواقع أن المعلومات والأرقام الواردة في المقالة تنقصها الدقة، وأقول المستغرب لأنهُ من المفترض أن الدكتور الفانك يعي تماماً أن شركة طيران ناضجة بعمر 50 عاماً لا يمكن أن تُقدِم على إدخال طائرات البوينغ 787 ـ وهي الأحدث والأكفأ إقتصادياً ـ دون إجراء دراسات كافية ومستفيضة لجدوى تشغيل هذه الطائرة والمردود الخدماتي والإقتصادي المتوقع من هذا التشغيل .
وهنا أودُ أن أطمئن الدكتور الفانك أن النتائج الأولية لتشغيل الطائرات الثلاث الأولى في أسطول الشركة أثبتت على أرض الواقع صدق نظريات الكفاءة الإقتصادية الموصوفة بها هذه الطائرة الحديثة، لا بل إن أداء هذه الطائرة الفعلي تجاوز التوقعات ودحضَ الإنتقادات التي كانت توجه لها والتي ثبت عملياً أنها لم تكن إلا ترديدٌ لإشاعات ومعلومات غير علمية ولا نعلمُ القصد من ورائها .
ثالثاً : لم يوفق الدكتور الفانك في القول، وللمرة الثانية في مقالاته ـ الهجومية ـ المتتابعة على الملكية الأردنية دون تمحيص كافٍ حين يدعي أن هناك إلتزامات مالية بمبالغ طائلة تترتب لمؤسسة الضمان الإجتماعي على الملكية الأردنية جراء عدم تسديد الشركة لإشتراكات موظفيها في الضمان، حيث تعود هذه المعلومة مع الأسف لما قبل عام 2001، فالملكية الأردنية ومنذ العام المذكور تقوم بتسديد إلتزاماتها تجاه الضمان دون تأخير، وقد كان بمقدور الدكتور الفانك الرجوع لمؤسسة الضمان الإجتماعي ذاتها للتأكد من المعلومة .
رابعاً : صحيح أن هناك قروض بنكية على الملكية الأردنية لبعض البنــــوك كحال غالبية الشركات، إلا أن الرقم ـ المبالغ فيه ـ الذي ذكرهُ الدكتور الفانك يمثل قروضاً طويلة الأجل تجري خدمة أقساطها بشكل مبرمج مع البنوك المقرضة ودون تأخير .
لكن ، وكأن الدكتور الفانك هنا يلمح إلى أن قروض الملكية الأردنية مستحقة السداد الآن !! وهو أمر غير صحيح واقعاً، ومستهجن حتى من الناحية العملية، سيما حين يصدر من كاتب إقتصادي بمكانة الدكتور فهد الفانك، إلا إذا كان يريد الإستعانة بأسس وهمية واهية لدعم طروحاته ومطالبه في مقالات سابقة حين دعا إلى تصفية الملكية الأردنية (كحل وحيد) ،غافلاً عن الحقائق التالية :
- الملكية الأردنية كحال كافة شركات الطيران في العالم تمر بظروف صعبة آنية ومؤقتة، وقد ناهزت إيراداتها العام السابق مليار دولار، إلا أنها حققت خسارة بلغت نحو 50 مليون دولار، أي بنسبة 5% فقط من مجمل إيراداتها ، وإن جَسْرَ هذه الهوة على الرغم من صعوبته إلا أنه ليس مستحيلاً، وإن إدارة الشركة واثقة من قدرتها بعون الله على تجاوز العقبات وتصحيح مسارها في كل الإتجاهات وتحقيق أهدافها المختلفة كشركة وناقل وطني .
- بالإضافة إلى حرص الشركة الدؤوب على تحقيق الربحية وإيمانها بإمكانية ذلك سيما من خلال الإستثمار في زيادة رأس مال تُعد بسيطة بالمقارنة بالفوائد المنتظرة من ربحية الشركة ـ إلا أن الملكية الأردنية ـ ستظل تؤدي العديد من الأدوار الإستراتيجية والتي أهمها تشغيل شبكة خطوط واسعة وهامة تربط المملكة بكافة أصقاع العالم، ويلزم في حال تصفية الشركة - كما يدعو الدكتور الفانك - ضخ مبالغ مالية باهظة لإعادة بنائها من جديد، متناسياً أعباء التصفية ومدتها وتكلفة البديل.. !؟ .
أخيراً، نكـررُ الشكر للدكتور الفانك على إهتمامه بشؤون الملكية الأردنية، متمنين لهُ دوام التمتع بموفور الصحة والعافية، كما نقدر للرأي الغراء حرصها على إتاحة الفرصة لنشر هذا التوضيح .