تخطف عيون الكاميرات المسلطة على كوباني ابصار العرب وتأخذها بعيداً...الى نقطة نائية على الحدود التركية السورية، هناك يجري صرف انتباه العرب عما يحيق ويحل بهم من تفتيت وتدمير لنسيج المجتمع ووحدته، وما يحدث للدولة في اكثر من قطر عربي من تفتيت وانهاء، هناك يحل محل الدولة التي جرى انهاء مؤسساتها،...تحل محلها مليشيات مسلحة تتقاسم البلاد والعباد وتسوقهم الى حروب اهلية تتلطى خلف المذهبية تارة، والجهادية تارة اخرى، والسياسية تارة ثالثة وعاشرة.
لاتغيب كوباني عن واجهة الاحداث، ويتم حشرها في مقدمة نشرات الاخبار بتفاصيل كثيرة، وما اكثر اطراف "الحرب الكونية" في كوباني وعليها، دول عظمى وأخرى اقليمية بطائراتها المتطورة جداً جداً، اكراد من العراق يصلون بسلاحهم عبر تركيا وفيها ملايين الاكراد الذين يجري قمعهم بسلاح الجيش التركي منذ سنوات، ولا يشارك اكراد تركيا رغم ان كوباني بلدة كردية مجاورة لهم حد التماس، والى جانب اكراد العراق البشمركة يشارك بقرار من الاطراف الدولية اكراد سوريا.
اشهر متواصلة من القصف الجوي على مواقع داعش في كوباني دون "دحر" داعش، ودون "قطع خطوط امدادها" ، مع ان كوباني، ولم تلاحظ او تنتبه عيون العرب المسمرة على نشرات الاخبار، المصنوعة جيداً وخصيصاً لاستهلاك العرب،.. دون ان تلاحظ عيون العرب ان كوباني معزولة ولا اتصال لها بمدن اخرى.
نعرف القدرات التدميرية الهائلة القاتلة لطائرات اف16 ، نعرفها هنا في غزة، ومازال الدمار شاخصاً امام أعيننا، ونعرفها من بيروت بكل انواع صواريخها الفراغية والثقيلة، فلماذا؟ لماذا تواصل داعش بقاءها في اطراف كوباني وبيوتها الريفية البسيطة؟!
تدنيس يومي للأقصى من غلاة اليمين العنصري الاسرائيلي بحماية ومشاركة الجيش الاسرائيلي وتظل كوباني والقصف غير التدميري الذي تتعرض له...تظل هي الخبر الرئيسي، مع ان خبرها يخلو من صورة واحدة لقتيل واحد.. مع ان الجرحى والمعتقلين الفلسطينيين يصلون يومياً الى المستشفيات والمعتقلات.. مع ان دفاعنا عن قدسنا واقصانا يتعمد بدمنا كل يوم، ويظل الاقصى وشعبه خبراً اقل اهمية في نشرات الاخبار اياها من وقائع "الحرب الكونية" في كوباني!
يجري ترويض الوعي العربي عبر اعتياده على الانتهاك الاسرائيلي اليومي على الاقصى، ويجري صرف انتباه عيون العرب عما يجري لقدسهم وأقصاهم عبر شد الانتباه الى كوباني، والحرب على داعش التي تواصل التمدد في العراق وسوريا...هاهي تصل الى سيناء عبر "مبايعة" انصار بيت المقدس لها والتحاقهم بها حسب بعض المصادر.
في سوريا والعراق واليمن وليبيا تجري احداث تدمير وتمزيق وحدة الشعب والأرض ولا يجد العقل العربي فرصة لتجميع شتاته حتى يرى الصورة الكاملة الشاخصة امامه ليل نهار منذ شهور وسنوات.
ماذا لو احتلت داعش كل شبر في كوباني؟! وماذا لو تم "دحر" داعش عن كوباني؟! في كل الحالات يظل جيش الاتراك فاصلاً لكوباني السورية عن الارض التركية، يظل قادراً على الفصل دون ان يطلق جندي تركي واحد طلقة واحدة، فلم تشترك تركيا بجندي او طائرة، بل انها لم تسمح للطائرات الاميركية، بالإقلاع من القاعدة الاميركية، في تركيا انجرليك.
داعش في سوريا والعراق في مناطق معروفة، والقاعدة في اليمن تشارك في المعارك، ومسميات كثيرة، وكلها ذات قدرات عسكرية وكوادر انتحارية، لكنها كلها..كلها لم تخدش الامن الاسرائيلي...مع انها كلها...كلها تطعم الاعلام اخباراً تتصدر نشرات الاخبار، فيما تظل اخبار فلسطين والاعتداءات على شعب فلسطين وانتهاك المقدسات الاسلامية المسيحية اقل اهمية.
تظل عين العرب على...كوباني.
هكذا يريدون.. وهذا ما يحدث!!