نحن ،أقصد الجيل الحالي ،اعتدنا أن نرى الأخ العربي يقتل أخاه ،لا ليس العربي بل السوري والعراقي والليبي و المصري و اليمني ...الخ .وانقلب شعار « انصر أخاك ظالما أو مظلوما» الى اقتل أخاك....واعتدنا ان نرى الدم في الشوارع كما ماء اندلق من خزان مثقوب ، نحيد عن الطريق ونتحسس ملابسنا لعلها تكون قد اتسخت . نتفقد ابناءنا و اقرباءنا و نقول الحمد لله القتلى ليسوا هم ، داعش لم تصل بعد !
اعتدنا ان نرى المجندات الصهيونيات بسلاحهن على اسوار الاقصى وخلفهن تماما قبة الصخرة المشرفة ، يفور الدم في عروق بعض منا لكنه غليان الماء في ابريق شاي صغير بالكاد يلسع نملة .صُب الشاي يا ولد لكي يهدأ غضبنا! نجلس كالارامل ،نتذكر النبي حين أسرى وعمر حين دخل القدس والكنيسة والعهدة العمرية , نشعر بشبح كبرياء ونحن نتذكر جيش صلاح الدين حين حرر القدس والاقصى ، ونتحدث عن رجال نعرفهم او من اقاربنا استشهدوا وهم يدافعون عن القدس في حرب ليست بعيدة ، نتذكر و نتذكر ،نفرغ كأس الشاي ونعود كما كنا فارغين من الكرامة والاحساس ليس فينا الا صوتنا والدعاء لمن يرابطون في بيت المقدس ،اللهم انصرهم واكفنا شر القتال والدفاع عن الاقصى !!
مشغولون نحن العرب بهمومنا السخيفة ، غارقون في الوحل حتى اخمص «رؤوسنا» ، لم نعد نمشي على اقدامنا منذ قبلنا ان نقاد كالعبيد الى ما وراء القضية الرئيسية ،القضية الفلسطينية ، ولا نقول قضية فلسطين، فلسطين ليست جغرافيا ولا شعب ولا مصالح مشتركة . فلسطين تعني الصراع الازلي مع الصهيونية ، مع غلاة اليهود ولا نقول كلهم فثمة منهم من يرى قيام اسرائيل مخالفة لتعاليم الرب وخروجا عن الديانة اليهودية، شاهدنا هؤلاء يتظاهرون اثناء مجازر غزة في شوارع نيويورك ولندن ، لكنهم مثلنا لا حول لهم ولا قوة .
لكن هل فعلا لا قوة لنا نحن العرب والمسلمين ؟! قطعا لنا . ها هي قوتنا تستأسد في عراق اصبح عراقات وعراكات مستمرة منذ احتل العراق، ها هي قوتنا تخوض حربا منذ اربع سنوات في سوريا، دمشق بالكاد تروي ما تبقى من ياسمين وحلب تحت رحمة داعش اما كوباني فهل عرفتم لماذا جرى تضخيمها وكأنها ستالينغراد ؟ انها ملهاة تلفت النظر عما هو اعظم . كسب للوقت لتضخيم داعش والسماح لها ان تجمع مقومات الدولة من خلال السلاح والنفط لكن بدون ان تصبح دولة ،مهمتها تفتيت الدول العربية لا اقامة دولة اسلامية . ما يجري على الارض تنفيذ حرفي لمخطط التفتيت قبل التقسيم لتأسيس دول هزيلة تبقى على خلافات مع بعضها ، تماما كما حدث في سايكس بيكو التي ابقت قنابل حدودية موقوتة بين كل دولة و دولة . ليبيا الآن نموذج « مثالي « للمخطط ، المحكمة العليا تقضي بعدم شرعية البرلمان ، البرلمان يرفض ، العاصمة مقسمة بين قوات حفتر و المتطرفين ، بنغازي تتمزق بين عدة قوى ،وفي النهاية سيحصل الليبيون على «دول» اقواها اضعف من ان يحمي سكانه ! اما تونس فهي البداية لما سمي الربيع العربي ’ نجحت الديمقراطية مؤخراً لكن لم تنجح تونس ان تبعد عنها الخطر الاكبر بالفتنة التي جاء برنار ليفي العراب الصهيوني للربيع الدامي لزيارتها بعد الانتخابات الاخيرة حيث جاء الاسلاميون ، اداة المخطط الامضى ، في المرتبة الثانية و الاطمئنان على صحة المخطط الصهيوني .
الحكاية معقدة ، الحبل على الرقاب والمشنقة تلتف حول العنق العربي . الملايين تنفق على داعش و غيرها وانت يا اقصى ليس لك الا الله وما بقي من عرب .
المرابطون يواجهون الصهاينة المحتلون ويحمون الاقصى . الاردن وحده يصرخ ويدافع بكل ما أوتي من قوة . والعرب المسلمون زاهدون في المهزلة فيما الشعوب تسأل «: وين الملايين ، دولارات و جيوش تحرر الاقصى!!